تشكل زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدولة الإمارات، دلالة واضحة على الثقة الكبيرة التي تحظى بها دولتنا الفتية بين كبرى دول العالم، من شرقه لغربه، فهذه الثقة لا تُبنى إلا على أساس قوي، يبدأ بعلاقات دبلوماسية، ثم استراتيجية طويلة المدى، وهنا بدأت علاقات البلدين الدبلوماسية منذ بداية إعلان اتحاد دولة الإمارات عام 1971.
استمرت جسور التواصل والتلاقي بين روسيا والإمارات في التمدد عاماً بعد عام، وأصبحت البوصلة الروسية تتجه لدولة الإمارات، كونها رقماً هاماً بين اللاعبين الدوليين، سياسياً وثقافياً واقتصادياً وعلمياً، وتعلم القيادة الروسية علم اليقين، أن الطموح الإماراتي لا حدود له، وأن الطاقات الإماراتية تسعى لأن تحظى بمقعد دائم في الصف الأول في شتى مجالات الحياة، ولعل التعاون الإماراتي الروسي في مجال الفضاء، مؤخراً، هو خير شاهد لذلك.
وهنا، لا بد من الإشارة لأهمية أن تمد الإمارات يدها لتتعاون وتتشارك في الرؤى بين مختلف دول العالم، فهي شريك قوي وموثوق للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جهة، وهي شريك فعال لروسيا والصين واليابان من جهة أخرى، وهنا تكمن الحكمة وحسن التدبير، فالسياسة الإماراتية المتزنة والمعتدلة، القائمة على الشفافية والوضوح، تجعل منها شريكاً موثوقاً للجميع، مهما تباينت الآراء ووجهات النظر.
لم تكتفِ الإمارات بأن لها موقعاً جغرافياً مميزاً بين الشرق والغرب، بل عملت على بناء قواعد متينة، وإيجاد شراكات حقيقية، لتجعل منها جسراً لكل من أراد الارتحال من الشرق للغرب أو العكس، فلا بد من المرور بالإمارات، ولا بد من الحصول على الختم الإماراتي عبر موانئها ومطاراتها.
المستقبل حافل بالتحديات، والتحضير له أصبح ضرورة ملحة، ولا تحضير للمستقبل خير من التنسيق المستمر لتوحيد الرؤى والتوجهات، والاطلاع على أفضل الممارسات العالمية للاستفادة منها، بهدف تبادل العلوم والخبرات والمعارف، ويتضح ذلك جلياً في التعاون الإماراتي الروسي لإطلاق أول رائد فضاء إماراتي، وقبل ذلك التعاون الإماراتي مع كوريا الجنوبية واليابان، لتدريب مهندسين إماراتيين، وإطلاق أقمار اصطناعية إماراتية، ناهيك عن التعاون في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة، والصناعات والعلوم المتقدمة، وذلك مع مختلف دول العالم.
لن نصل إلى المركز الأول، إن عشنا متقوقعين على أنفسنا، هذه حقيقة لا مفر منها، فالعالم في تسارع كبير، والعلوم المتقدمة تحتاج لتعاون كبير بين الخبراء والعلماء والباحثين على مستوى العالم، ولهذا، فتحت الإمارات أبوابها لكل من أراد أن يزورها ويقيم على أرضها، ليكون جزءاً من قصة نجاحها، ولهذا، أرسلت الإمارات أبناءها ومسؤوليها لمختلف دول العالم، للتعلم والاستفادة من الخبرات والمهارات المتطورة هنا وهناك، ليعودوا بعد ذلك إلى وطنهم محمّلين بطموحاتهم العالية، وشغفهم الكبير، ومهاراتهم المتقدمة.