بعض الحروف في جزل المواقف، لا ينصفك كمها ومضمونها، وكيف إذا صارت في فقد والد قبل أن يكون قائداً، «خبرناها» الحياة تعطي وتأخذ، وما هي بدائمة لمخلوق، هذه سنتها، وفي ذلك لا اعتراض ولا نقد. ويظل فقْد العزيز صعباً استيعابه، وتمضي ثقيلة أيامه، ومن كان بمقامه ومنزلته، حمدان بن راشد، الذي أحبه الصغير قبل الكبير، من رآه ومن سمع بأفضاله، محال نسيانه، وهو باقٍ ذكره.

شخصية استثنائية الطبع والطابع مثله، رحمه الله، يصعب تكرارها، جمعت بين عقلانية الفكر وحكمة وصواب الفعل، قلب كان حضناً للقلوب جميعاً، وعطاء بجوده أخجل الجود من فضله، شبهته بالغيث الصامت، الذي امتد خيره للقريب والبعيد، وهو النجم الملهم، الذي أضاء نوره بالرشد وسداد الرأي والتدبير كل معضلة، الفعل عنده يسبق القول، الداعم الأول للعلماء والأطباء في كل ميدان.

ما قيل وما عُدّد، لا يزال قليلاً أمام تلك المسيرة الزاخرة بالعطاء في السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة والرياضة، محلياً وعالمياً، كان فيها السند والعضد في رحلة بناء الدولة، وحاز ثقة القيادة، حمدان بن راشد، استطاع، رحمه الله، بحنكته، الارتقاء بالعمل الاقتصادي بكافة جوانبه، من التخطيط الراجح، والمبادرات الفاعلة، والدعم اللا محدود، لمواكبة متطلبات النمو الاقتصادي، والتنموي المتسارع في مختلف الأصعدة. بصمته، رحمه الله، صنعت الفارق في حياة الملايين، عبر نشر التعليم والثقافة والأدب. سيظل حمدان حياً في قلب محمد بن راشد، وفي قلوب أبنائه، وفي قلب كل من عرفه.