طبع وللنفس الطموحة جموحها أن تعشق الصعب ومسلكه لتعانق القمم، ولكن المفاجئ دائماً له رهبته ووقعه الصادم وهكذا هي الأزمات مهما تعددت لا تعترف بالأعذار والظروف ولا تنتظر التوقيت المناسب للقدوم، كالسيل تفرض أثرها على الصعد كافة الاجتماعية والاقتصادية والصحية والسياسية، والتمعن في الأزمات عموماً يقود لحقيقة مفادها أن المجتمعات الأقدر على التعامل الناجع هي الأكثر قدرة على المواصلة والاستمرار مقارنة بالتي انتهجت أسلوب الارتجال والتعامل غير المدروس مع المجريات.



أزمة تكسر جموداً، وأزمة تخلق فرصاً، وأزمة تطرق أبواباً وفضاءات جديدة، وأزمة تشعل التنافس وتحفز الإبداع، وأزمة تبني وتهدم إنجازات وقمماً. وتظل كلمة الفصل في الإدارة والقيادة والقرارات الحاسمة والصائبة للخروج من التبعات والآثار بأقل الخسائر والتي تستوجب المخاطرة في اللحظات الحاسمة إما النصر وإما الخسارة. وبغض النظر عن نوع وحجم ومكان وقوع أي أزمة، يأتي دور الإدارة الناجحة في تغيير مجرى الأمور. وكررها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، رعاه الله: «إدارة الأزمات تخلق فرصاً، وأزمات الإدارة تدمر مكاسب».



والتجارب تظل أكبر برهان، النماذج التي انتهجت أسلوب القول عديدة وقد تفوق نظائرها في البداية من ناحية منهجية وطرائق التعامل مع الأحداث وما بذلك ينال المبتغى، والتحدي والصعب مساره يطلب من يخاطبه بأرقام ونجاحات قبل الكلمات المنمقة والوعود والعهود المنسية، يطلب من يعرف ماذا يريد ومن يريد، ويعرف بالضبط كيف يصل لما يريد، لا تغيب عنه الشاردة والواردة، ولا يوقفه شح الظروف والموارد والأشخاص.