كنت قد أعددت بحثاً عن البعثات الدراسية في الخارج راصداً أسماء أبناء الإمارات الذين سافروا للدراسة منذ بدايات عام 1900 وأعمل على تطوير هذا البحث ليكون مشروع كتاب، ومن بين أولئك الرواد يبرز اسم الشيخ مبارك بن علي الشامسي، الذي درس في الأحساء ولنجة على الشيخ سلطان العلماء، وفي الهند على ورثة الدهلوي. وأنا أطالع مادة البحث عنت بي الذاكرة إلى أصغر أبناء الشيخ مبارك وهو المرحوم المهندس محمد الشيخ مبارك الذي فارقنا منذ أيام.
لقد ربطتني به علاقة طيبة حينما كنت بسفارة الإمارات بالقاهرة مكلفاً بالملحقية الثقافية، وكان هو أحد طلاب الإمارات بكلية الهندسة بجامعة القاهرة. كنت أعرفه جيداً قبل ذلك، ولكن توطدت علاقتي به هناك، كعلاقتي بجميع طلاب تلك الفترة والذين أبادلهم ويبادلونني الحب والتقدير حتى الآن رحل منهم من رحل إلى رحمة الله ومن بقي أمد الله في أعمارهم.
في تلك الفترة شاعت عادة طيبة بين الأصدقاء كل يهدي أصدقاءه صورة من صوره للذكرى، كما يقال (الذكرى ناقوس يدق في عالم النسيان) من بين تلك الصور التي ما زلت أحتفظ بها صورة للمرحوم محمد أهداني إياها وكتب خلفها عبارة جميلة استشهد فيها ببيتي شعر ينسبان إلى الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه - إن صح ذلك - فيقول:
المرء ضيف في الحياة وإنني
ضيف كذلك تنقضي الأعمار
فإذا أقمت فإن شخصي بينكم
وإذا رحلت فصورتي تذكار
وقد يكون قد أدخل تعديلاً على الشطرة الأخيرة من البيت الثاني. وقد كتب تحت البيتين العبارة التالية (صورتي أهديها إلى الأخ العزيز بلال ربيع البدور رمزاً للصداقة والأخوة) وكتب اسمه وتاريخ الإهداء ٧٦/٧/١٢.
وتمضي الأيام والسنون نلتقي في مناسبات مختلفة، وتأخذنا الحياة مأخذها، إلى أن وصل إليّ نعيه من ابن أخيه، ذهبت إلى حافظة صغيرة أحتفظ فيها بصور لأشخاص جمعني بهم الحب والصداقة، وكانت صورة الراحل العزيز من بين تلك الصور، غفر الله له ورحمه وأسكنه فسيح جناته.