كثيرون هم الذين يجدون في العزوف عن الزواج، ظاهرة مقلقة، ليس لكونها تتعلق بتوسيع المسافة بين الشاب والفتاة، بقدر ما تتعلق بالتوازن الأسري، الذي يشكل الزواج عموده الفقري، لما يلعبه من دور أساسي في عملية التغيرات الديموغرافية والاجتماعية الخاصة بالمجتمعات الإنسانية عموماً. التفكير في هذه الظاهرة إنما يفتح عيوننا على أسبابها، التي قد لا تكون شخصية بالدرجة الأولى، بقدر ما هي مسؤولية أسرية ومجتمعية، فضلاً عن كونها تمثل إشارة إلى التغيرات التي يشهدها المجتمع بشكل عام، والتي تكشف بدورها عن عدم إيمان الشباب بأن الزواج هو رباط من المودة والرحمة والحب والاطمئنان، وأن فيه تعاوناً بين طرفين، وفيه مسؤولية عالية وراحة نفسية وجسدية.

قد لا يدرك الطرفان أو أي منهما أن التعاون هو أساس الزواج القوي، وأن الحوار عموده الفقري، ولتحقيق ذلك علينا العمل جميعاً على ترشيد النفقات والإسراف في حفلات الزفاف، لأن الأهمية تكمن في السعي إلى سعادة الزوجين والأهل والأقارب، من دون الإثقال على كاهل الزوجين. وجميعنا يدرك الأسباب التي تحفز الشباب على الابتعاد عن فكرة «الزواج»، بدءاً من غلاء المهور وليس انتهاءً برغبة الشباب في الاستقلالية، وهنا لا بد من أن نستذكر ما قاله المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه يوماً ما: إنّ المغالاة في المهور والإسراف في مظاهر الاحتفال بالزواج، وكل ما يرهق الشباب، وهم في مقتبل حياتهم الأسرية، أمور ليس لها مبرر، ولا تتفق مع مبادئ شريعتنا الإسلامية الغراء، فضلاً عن أنها تتنافى مع تقاليدنا وعاداتنا الأصيلة.

المغالاة في المهور وحفلات الزفاف، لا تحمل بين ثناياها أي دلالة على «الحسب والنسب»، وإنما تزيد من إرهاق الشباب، ولنا في رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أسوة حسنة، وهو الذي قال: إن من يمن المرأة، تيسير خطبتها، وتيسير صداقها، وتيسير رحمها.

مسار:

خير الصداق أقله، والمهر ليس مقياساً لقيمة الفتاة.