استمرت علاقتهما قرابة 15 سنة، والتي كانت استثنائية بمعنى الكلمة، يغمرها كل الحب والانسجام، وكلاهما كان يشعر أن هذه العلاقة صلبة وراسخة، وستظل مختلفة عن جميع العلاقات السابقة، التي كانت غير موفقة في حياتهما، ظناً أن ضمان استمرارية العلاقات تتحدد إذا تجاوزت السنوات الأولى بسلام، كانوا آنذاك يحتفلون، ويرسلون بينهما رسائل الامتنان بعد مرور كل سنة، لأنه ولله الحمد زاد عمر هذه العلاقة سنة أخرى، ومع مرور الأيام زاد بينهما التعلق، وألغيت جميع المسافات، ولكن هل دوام الحب وثباته من دون أي تغيير محال؟
علينا أن نتيقن أن الشيء الوحيد الثابت في هذه الحياة هو التغيير، فأحياناً يدرك البعض ماهية هذه العبارة متأخراً، صحيح أنه من الجميل أن تحرص على بقاء العلاقات كسابق عهدها، والمحافظة على رونقها وجمال المشاعر، ولكن ذلك قد يكون من المستحيلات إذا سيطر على هذه العلاقة الحب المشروط، وألغيت جميع المسافات.
الحب عذب، ولكن الحب المشروط عذاب ومرض، لأنه يؤدي إلى التعلق العاطفي، ومن تعلق بشيء عذب به. للأسف اليوم أصبحت بعض العلاقات متذبذبة، بسبب التعلق وإلغاء الحدود، والحقيقة التي لا بد أن يدركها الجميع أن حياتهم عبارة عن كتاب وهم صفحة في هذا الكتاب، ولا بد أن يكون لدى الأشخاص اهتمامات أخرى غيرهم، تتضمن العبادة والعمل والأبناء والهوايات والأصدقاء وغيرها.
ولذا، لتجنب التعلق المرضي يجب على الشخص إرضاء النفس أولاً بممارسة الهوايات، التي تزيد من تقديره وحبه لذاته، وتحرير المشاعر المخزنة من خلال الكتابة أو الحديث مع الأصدقاء الداعمين والموجهين نحو طريق الصواب، وعند الشعور بأن العلاقة بأحدهم قد تأخذ منحى آخر، لا بد من إعادة النظر في طبيعة سير العلاقة ووضع مسافة أمان وحدود مناسبة، منذ بداية تأسيس العلاقة، للحفاظ على علاقات أكثر نجاحاً، ضمن نظام متكامل، للتعامل السليم والذكي مع الذات والآخر.