تجد، وأخيراً، البقعة المناسبة في «بحيرة الطيور» بعد استغراق وقت طويل في البحث؛ لتستمتع مع عائلتها في أجوائها الباردة، وبعد عدة خطوات تلاحظ أيضاً وجود مقعد خشبي يستوعب خمسة أشخاص، ويطل على البحيرة مباشرة في مكان تجمعهم، فتكتمل الصورة المثالية لديها لتجعل من هذا الاختيار في الرحلة الأفضل على الإطلاق.
وبعد ساعة تتفاجأ بجلوس امرأة أجنبية على الكرسي، وتستأذنها تلك المرأة إن كان بإمكانها الجلوس في المكان لبضع دقائق، وما كان لصاحبة المكان سوى قبول هذا الشرط، ولكن يحدث ما يخالف التوقعات حين تتجاهل المرأة الاتفاق، وتبدأ بعد انتهاء الوقت المحدد تنادي بصوت مرتفع بقية أفراد أسرتها للانضمام إليها، تستاء السيدة من هذا التصرف ولكنها لم تتلفظ بكلمة.
«توكيد الذات» هو قدرة الإنسان على التعبير الملائم عن مشاعره وأفكاره تجاه الأشخاص والمواقف والمطالبة بحقوقه دون أي تردد.
من المهم أن توضح للناس ما هي حدودك حتى لا يتعدوها، إذا رضيت فعبّر عن رضاك ولا تصطنع نصف رضا. وإذا رفضت فعبّر عن رفضك، وبيّن لهم أين تقف حدودك؛ لأن نصف الرفض هو بلا شك قبول.
أحياناً يجد البعض صعوبة كبيرة في التعبير عما يشعرون به، وذلك لأنهم لم يمروا بأي تجارب عملية تنمي فيهم «توكيد الذات» منذ الصغر؛ لذا يصلون سن الرشد ويصبحون غير قادرين على إظهار المشاعر الداخلية الحقيقية والتعبير عنها بوضوح وشفافية.
يبقى السؤال، لماذا لا يؤكد الناس ذواتهم؟ لماذا لا يستطيع البعض تحديد ما يشعرون به؟ الجواب جزماً أنه الضعف في «توكيد الذات» الذي قد يبدأ منذ مرحلة التنشئة، بسبب تدخل بعض الأسر في مظهر أبنائهم الخارجي وتفاعلهم مع الكبار، وإجبارهم على الانصياع والتنازل عن ألعابهم لإبهار وإرضاء الناس للظهور بمظهر أكثر قبولاً، ولكن بالتخلي عن أبسط حقوقهم، هم باختصار يضعفون شخصية الأطفال من أجل الآخرين.