غط الشاب في نوم عميق حين رجع من سهرته الطويلة، التي كانت مع بعض الأصدقاء في الجامعة، ومن شدة تراكمات التعب نام مباشرة من دون أن يدرك أنه لم يشحن هاتفه المتحرك، ولم ينظم أو يرتب حتى الأوراق، التي يجدر به أخذها إلى الجامعة، في اليوم التالي يستيقظ، ويتفاجأ أن هاتفه المحمول قد تم شحنه بالكامل، وجميع أوراقه مرتبة، لوهلة كان غارقاً في حيرته، إلى أن أخبره أخوه أنه بادر في مساعدته كي يتسنى له الاستعداد للجامعة في الصباح الباكر، شكره كثيراً، لأنه تجنب الوقوع في ويلات التأخير عن المحاضرات.

وفي يوم تكررت سهرة الشاب، ولم يستيقظ أخوه مبكراً- كعادته- في هذه المرة، لذلك تأخر كثيراً، وأصبح في موقف لا يحسد عليه، لذا بعد رجوعه إلى المنزل ذهب إليه معاتباً أنه تأخر بسببه.

المساعدة والعطاء من الميزات الإيجابية، التي تعتبر من إحدى جوانب قوة الشخصية، لكن العطاء غير المحدود قد يفتح الباب على مصراعيه أمام استغلال من لا يستحقون هذا العطاء، أو تزيد من رغبة الآخرين في انتهاك مساحة الغير، بسب الأخذ المستمر، ويحصّر البعض في دائرة مغلقة من الإرهاق والإجهاد، فيصبح العطاء حقاً مكتسباً بدلاً من كونه عطاء صادقاً نابعاً من رغبة حقيقية في تقديم المساعدة.

أحياناً قد تجد نفسك في صراع داخلي حول من يستحق، ومن لا يستحق اهتمامك، وفي أحيان تجذب الأشخاص، الذين يقومون باستغلالك، بسبب إفراطك في العطاء، الذي يتدفق في اتجاه واحد، وتحرص على وضع احتياجات الآخرين في قمة الأولويات، وقبل احتياجاتك الخاصة، إذاً هل الحل يكمن في التوقف عن المساعدة تماماً؟

باختصار: الحل الأساسي هو في وضع الحدود، العطاء يرتبط بإفادة الآخرين، وترك بصمة إيجابية في حياتهم، وليس لكي نحولهم إلى أشخاص أنانيين، يصب اعتمادهم الكلي على الاستغلال، واستنفاد الطاقات.