التغيير إحدى سنن الحياة، يتشكل نتيجة حركتنا الدائمة والمستمرة، وهو هدف نسعى إليه في مختلف مجالات حياتنا الشخصية والعملية، من خلاله تتحول الأشياء حولنا، وتبدو جديدة، وعبره نتفاعل مع مجموعة عناصر مختلفة، ولذلك فهو يبدو ظاهرة طبيعية تخضع لها كافة مظاهر الكون، انطلاقاً من البعد الزمني والحركي الذي يشكلها التغيير في كل حالة، وهو ما يفسر سبب وصف الفلاسفة لـ «التغيير» بعملية جريان الأنهار، حيث تتجدد فيها المياه بمرور كل لحظة.

والإنسان بطبيعته الفطرية والتكوينية كائن متحرك، يعيش حياة تصاعدية مبنية على التنافس الفعال، لضمان تفوقه على الآخرين، وهو ما يعني امتلاكه روح التغيير الذي يعني حياة متكاملة وتطوراً لافتاً، ورغم ذلك يتردد الكثير من الناس في خوض عملية التغيير، ويفضلون البقاء في «منطقة الراحة»، بسبب خشيتهم من المجهول، وفشلهم في إتمام العملية، كما يخشون من انعكاساتها على حياتهم، وذلك أمر طبيعي، كون التغيير يرافقه عادة تبدلٌ في الأحوال المادية والمعنوية والحياتية والسلوكية أيضاً، وقد حثنا رب العزة والجلالة على التغيير، وذلك في قوله تعالى في سورة الرعد: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)، فالأمم لا يمكنها تغيير واقعها دون أن تغير ذاتها.

من يخوضون عملية التغيير، يدركون ما يحمله من علاقات متوازنة وفعالة بين الإنسان وبيئته، ويكتشفون أن فيه معالجة فعالة للضغوط اليومية، التي قد نتعرض لها نتيجة حالة التحول التي نشهدها في حياتنا المادية والعملية وأفكارها، وقدرتنا على التفاعل مع محيطنا الاجتماعي، ويجدون فيه استقراراً وفاعلية عالية، تمكننا من تحقيق أهدافنا، وتحفيزنا على الإبداع، وتزيد من قدرتنا على اتخاذ القرارات الصحيحة، لأن عملية التغيير بحد ذاتها، تمثل قراراً مهماً في الحياة، كما تمكننا هذه العملية من امتصاص الضغوطات، والتخلص من التوتر الذي قد يصيبنا، لا سيما في محيطنا العملي.

مسار:

كلما ارتفع مستوى الطموح، كان الاستعداد للتغيير أكبر.