قام فريق من العلماء بوضع مجموعة من القرود في قفص لإجراء تجربة وتم وضع سلم في وسط القفص وفي أعلاه موزة.

وفي كل مرة يحاول أي قرد تسلق السلم للفوز بالموزة، يقوم العلماء بفتح المياه الباردة ورش جميع القردة في القفص. وربطت القرود ذهنياً بين (الحصول على الموزة) و(الرّش بالمياه الباردة)، وبهذا كلما تسلق قرد منها السلم للحصول على الموزة، يقوم القردة الآخرون بضربه تجنباً للرش بالماء البارد.

واستمر العلماء باستبدال القردة واحداً تلو آخر وتوقفوا عن رش الماء البارد. ولكن لاحظ العلماء أن القردة القدامى يقومون بضرب القردة الجدد للسبب نفسه. العجيب في الأمر حتى حينما استُبدل بجميع القردة القدامى قردة جدد، استمر ضرب أي قرد تسول له نفسه تسلق السلم والظفر بالموزة.

لا يعرف القردة الجدد لماذا يضربون القرد المتسلق، ولا يعرف القرد المضروب لماذا ضُرب، ولو سألت القردة لماذا تضربون المتسلقين؟ ستكون الإجابة «لا ندري، ولكن هذا ما وجدنا عليه القردة السابقين».

بغض النظر عن صحة هذه القصة، إلا أنها تُستدعى كمثل في الأوساط التي تنتشر فيها ثقافات وعادات يميل الأشخاص إلى القيام بها من دون أن يتساءلوا لماذا يقومون بما يقومون به. نميل نحن البشر عادة إلى القيام بالأشياء بطريقة معينة لأننا اعتدنا القيام بها بالطريقة التي تم تعليمها لنا أو لأنها تقع ضمن منطقة راحتنا، وعادة ما نستبعد التساؤل وإعادة النظر في الأسباب المؤدية لما قمنا به.

أذكر في إحدى الدورات التدريبية التي حضرتها والمتعلقة بالتدريب على القيادة الموقفية، استشهد لنا المدرب بأن الكثير من مؤسسات وشركات العمل تستمر في العمل بالمنهج والنمط القديم نفسهما، حتى بعد غياب الأفراد المؤسسين ما لم يحدث لها تغيير جذري، وهذا بسبب ما يسمى «الذاكرة المؤسسية». ماذا لو راجعنا سلوكياتنا لفهم أسبابها؟ ماذا لو كلما أخبرنا أحدهم هذه هي الطريقة الوحيدة لفعل الأشياء، أخبرناهم بقصة القردة والموزة؟