الإعجاب به لا يزال ميزة ثقافية، فأطروحاته تتسم بالعمق والموضوعية، وعند قراءته أو الاستماع إليه، تعلم غايته الإنسانية والقضية العادلة التي يساندها، فحتى مشروعاته العلمية البحثية، أبعادها إنسانية.
هو محاضر جريء لا يخيفه قول الحقيقة مهما كانت صادمة. يعد من قلة مدرجة على قائمة (المتفق عليهم) شعبياً وبين النخبة العالمية المثقفة على اختلاف أطيافهم. كل هذا لأنه يساند بإخلاص قضايا الشعوب لأنها عادلة. إنه الفيلسوف والمفكر وعالم اللغويات والمؤرخ، البروفيسور الأمريكي نعوم تشومسكي.
يؤمن تشومسكي أن لشعوب العالم بوصلة فطرية أنى توجهت لا تخطئ، وفي أيما موضوع تحدثت تلكم الشعوب أصابت. فما اتفقت عليه لا يمكن تخطيئه لأنه الحق. وفلسفة كهذه تترجمها محاضراته ولقاءاته، وحواراته التي هذه إحداها نشرت أخيراً على الشبكة العالمية، تطرق فيها لمجموعة قضايا بعنوان (العالم يتغير، فهل نحن مستعدون؟). نقتطف منها تلميحات وإشارات تهمنا في المنطقة العربية.
في المناخ والبيئة، قال محذراً: إن العالم لم يعد يملك الكثير من الوقت لتفادي الكارثة البيئية التي تحدق بحياتنا. إن بعض الشركات الكبرى على الكوكب، تستهتر بالبيئة بشكل يؤدي إلى تسميمها حتماً، ما لم تتخذ الدول المسؤولة عن ذلك، خطوات جادة ضد تلكم الشركات التي لا تسمع.
في شؤون المنطقة العربية، قال تشومسكي: إن الإنسانية والتضامن الأممي غير مستحيلين، ومن الضروري الارتقاء إلى مستوى حضارة وثقافة الدول التي تمارسهما في العالم على نحو سليم. وإني لأعجب ممن يدعون أنه يمكن لأية دولة محتلة في العالم أن تكون ديمقراطية، أو سوف تصبح يوماً ديمقراطية، وهي لا تعلي شأن الإنسان. إنه فكر معيب، يتجاهل تفاصيل مؤذية من الاضطهاد وطبقات متعددة من المواطنة.
وعما يجري في بعض بلداننا العربية، قال إن بعضها لديه انتخابات وهذا جيد، لكن نظام المحاصصة الطائفية الذي خلفه الاستعمار الفرنسي، يعطل نمو ديمقراطية حقة وسليمة.