الخوف من التكنولوجيا الحديثة ساور الكثير من مستخدميها، بينهم خبراء. لكن حماس الناس وقتذاك، حال دون توقفهم ليستمعوا لنداءات التريث، والحذر، والتحوّط، وضرورة الوقاية، حتى أوصلتنا التكنولوجيا إلى «الجمعة الزرقاء». ورغم ذلك، فالحياة بلا تكنولوجيا يصعب أن تستقيم لدى الكثيرين.
«الجمعة الزرقاء» هزَّت العالم صبيحة 19 يوليو الجاري، بحدث تقني تسببت فيه عملية تحديث بسيطة في نظام مايكروسوفت، وما كان يتوقع لها أن تنتهي بكارثة. لكن النوايا الحسنة، مع التكنولوجيا، مآلاتها غير مضمونة.
لن ينسى العالم ما حدث يوم «الجمعة الزرقاء». وسوف يتحوط جيداً ضد عودة الشاشات العمياء مرة أخرى، وضد أن يجد نفسه ثانية أمام فصل مرعب أكثر شمولاً وتأثيراً. من المؤكد أن العالم سوف يعزز تدابير الوقاية، ويوجد بدائل تقنية بمساعدة الذكاء الاصطناعي، وتكون قادرة على العمل من تلقاء ذاتها حال التقاطها «إشارة خطر داهم»، نعم. هذا ما يتوقعه الناس، لكن حسن الظن بالتكنولوجيا والتكنولوجيين، يحتمل أحياناً أن يفتح نافذة لنتائج مربكة.
يخطئ من يعتقد بأن حدثاً تقنياً بهذا التأثير والأهمية على حياة البشر، لم يعط وقوعه رسائل واضحة ومقلقة للعالم، دولاً وشعوباً. لا سيما أن الجميع أصبح معتمداً على التقنية في شؤونه اليومية؛ فالتقنية، على تنوع استعمالاتها، جزء منها يسهل التحكم به، لكنْ ثمة جزء آخر يستعصي إخضاعه لمشيئة البشر. جزء يحمل بذرة تمرده على الإنسان. يخرج عليه بانفلاتٍ تقنيّ غير متوقع وخطير. انفلات كهذا لم يتأكد بعد وقوعه، إلا أنه مقبل لا محالة.
ونسأل: هل حقاً سيتخذ العالم الإجراءات الاحتياطية التي نتوقعها، أم سينسى الأمر حال عودته إلى حياته التقنية الطبيعية، لنكون على موعد تراجيدي أسود هذه المرة؟ جوابنا، إننا نشارك الكثيرين توقعهم بالتعاطي الإيجابي والمسؤول مع هذه الهزّة. مع أمنياتنا أن تتبع بهزة وعي مماثلة تفضي إلى فعل ناجح ومحكم.