ما الذي يجعل البعض يقف بدون حراك أو ردة فعل أمام إيذاء الناس، الذين يتجاوزون أحياناً الحدود ويتطاولون على من حولهم باستخدام أعذار ومبررات واهية وغير منطقية قد تحمل بين طياتها الكثير من الأنانية وسوء الظن، وتجد بعض هؤلاء الضحايا يخسرون تلقائياً كل القيم والمبادئ التي غرست فيهم منذ سنواتٍ طويلة شيئاً فشيئاً، وذلك بسبب الاستسلام والانصياع التام لهؤلاء النرجسيين الذين لا يترددون في التلاعب النفسي واقتحام وتدمير استقرارهم الداخلي.
في علم النفس يعد التلاعب النفسي من أخطر أنواع العدوانية لأنه يجعل الفرد يشكك في صحة إدراكه أو قيمة الواقع الذي يعيشه. وللأسف تربى بعض الضحايا على عبارات: «عاملهم باللطف تكسب محبتهم» أو «تجاهل السلوك السلبي وكن أفضل منهم»، ولكن لم يتم غرس أهمية وضع شروط ومعايير ومدة زمنية مناسبة تحدد مدى استمرارية بعض العلاقات بدون أي استغلال أو سيطرة.
كن واعياً ومدركاً أنه في أي موقف يمر به بعض الأشخاص قد تكون ردة فعلهم مبنية على شخصيتهم الداخلية التي تشكلت منذ طفولتهم، فهي إما شخصية الوالد الذي يتغاضى عن الزلات ويرضى بالقليل، أو البالغ الراشد الحكيم والواعي الذي يتصرف بحزم، أو الطفل الاندفاعي المتهور الذي يغلب على شخصيته الخوف والتردد بسبب تجارب طفولته السيئة.
لا بد من أن نعي تماماً أن أطباع الناس بلا شك تتفاوت بين الطيب أو المنافق والمؤذي، ولا يحق لنا لوم الناس باستمرار على سوء طباعهم واستغلالهم، ولكن نلوم أنفسنا على الانصياع لاستغلالهم وسذاجة التصرف من خلال عدم وضع الحدود، وفتح الباب على مصراعيه أمام سيطرتهم المفرطة واستغلالهم لنقاط ضعفنا. من المهم أن تضع حدوداً صحية ومنطقية في أغلب علاقاتك حتى لا يجرفك التيار وتقع كضحية سهلة لاستغلال الآخرين، كن بالغاً راشداً ولا تكن طفلاً ضعيفاً سهل الاستغلال.