الجلوس في مقهى مفتوح على فناء مركز التسوق، قلما يكون ملهماً، لكن قد يحدث العكس. وهذه قصة تروى؛ فبينما كنّا نتبادل حديثاً عاماً، صديقي وأنا، في أحد المقاهي، وهي كثيرة، فاجأنا شخص بالسلام؛ فقد جمعته بصديقي زمالة وصداقة. وأخبرنا بأنه نال درجة الدكتوراه في الذكاء الاصطناعي. أكبرنا فيه ذلك مسرورين.
لم يجلس الرجل. كان عجلاً. وبعد 10 دقائق، حيّانا شخص آخر، واقترب منا للمصافحة. سأله صديقي إذا كان لا يزال في عمله القديم؛ فأجاب بالنفي. لكنه أضاف: عينت في وظيفة مستشار في إحدى الحكومات الإلكترونية. يا لهذا المساء التكنولوجي بامتياز.
التقنية الأحدث تطوراً، أثرها بدا جلياً في بقية أحاديثنا المسائية تلك، ما أفضى إلى طرح سؤال مهم يشغل الناس حالياً، واحتمال ترحيله إلى مستقبلهم وارد. وهو: ما الذي يخافه الناس تحديداً في الذكاء الاصطناعي؟ وهل بالإمكان معالجة مخاوفهم وتجاوزها إلى الطمأنينة؟
إن المخاوف القائمة في تقنية الذكاء الاصطناعي حالياً، وتلك القادمة في الطريق، عند تطويره يمكن إجمالها، بدءاً من العادي - بلا مخاطر - وصولاً إلى الأكثر قلقاً، كالتالي:
فقدان العديد من الوظائف التي قد يحل فيها بديلاً عن البشر، فترتفع نسب البطالة. قد يقضي على الخصوصية، باستخدامه البيانات الشخصية بشكل غير قانوني. قد يمارس التحيّز، وهذه عن طريق تدريب أنظمته على بيانات متحيزة، قد تؤدي إلى قرارات غير عادلة أو تمييزية.
عند تطوير الأسلحة ذاتية القيادة اعتماداً على أنظمته الذكية، قد يؤدي خطأ إلى حروب مدمرة يصعب السيطرة عليها. الاعتماد الزائد للبشر على الذكاء الاصطناعي في حياتهم اليومية، قد يفقدهم مهاراتهم الذهنية.
ورغم ذلك، يمكن وضع قوانين ولوائح تضبط وتنظم استخدامه. تجدر الإشارة إلى أن هذه المخاوف ليست جديدة، لارتباطها بالتطورات التكنولوجية منذ بدء إرهاصات «الثورة الصناعية الرابعة - 4IR» سنة 2000. والتي استخدمت كمصطلح أول مرة في منتدى دافوس العالمي 2016.