لا أحد ينكر بأن المجتمعات البشرية كلها، لم يخل فيها مجتمع من ظواهر اجتماعية، التي على تعددها واختلاف طبيعتها، أصبحت أكثر تعقيداً في مجتمعاتنا المعاصرة، منها في مجتمعاتنا الماضية، خلافاً للاعتقاد السائد.
قد تسألني ما أعراض الظاهرة الاجتماعية؟ فأجيب بأن دقة توصيف الظاهرة هو الذي ينبئنا بأعراضها. فهي كالمريض يعرف الطبيب مرضه من الأعراض البادية عليه؛ فعلى سبيل المثال، لو نظرنا لجملة من الأعراض، لاستطعنا من خلالها توصيف الظاهرة، ثم التعرّف عليها؛ فالأعراض علامات.
لنتأمل هذه الأعراض: انحسار القراءة. وهي مفتاح المعرفة والتوسع الثقافي. يحدث بسبب تزايد وسائل الترفيه السريعة ووسائل التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية. ما أدى إلى انخفاض نسبة المقروئية، وإلى تراجع مستوى الوعي.
المظاهر الخارجية في عصرنا الحالي انصب التركيز عليها بصفتها نجاحاً مادياً، ما أدى إلى إهمال الجوانب المعرفية والثقافية.
المعلومات السطحية - القشريّة، خاصة مع انتشار الأخبار الكاذبة والشائعات على وسائل التواصل الاجتماعي ما أدى إلى صعوبة التمييز بين المعلومات الصحيحة والمضللة، فانتشرت الأفكار السطحية.
نقص الحوار وغياب النقاش الجاد والمثمر حول مختلف القضايا المهمة، أسهم في تراجع الوعي العام. إضافة إلى التعليم المأزوم والمتعثر، المفتقر إلى الجودة، غير القادر على تلبية احتياجات الطلاب، ولا يشجعهم على التفكير التحليلي النقدي.
هل يمكن الآن التعرّف على هذه الظاهرة ما اسمها؟ لوضع معالجات لها؟ بالتأكيد؛ فهذه الأعراض إذا ما توفرت في أي مجتمع من المجتمعات البشرية، فإن الظاهرة تكون: «السطحية ونقص في الوعي المعرفي».
أما محتواها فهو: غياب القدرة على التحليل والنقد. صعوبة تقييم المعلومات والآراء المستنيرة. وسهولة التأثر بالشائعات والأخبار الكاذبة. وصعوبة حل المشكلات لعدم فهمها، والعجز عن اقتراح حلول مبتكرة لها.
وضعف الروابط الاجتماعية ما يؤدي لانحسار التواصل مع الآخرين، وتعسّر بناء علاقات عميقة. وهذا كله يؤدي إلى انحسار المشاركة المجتمعية الذي يقلل الاهتمام بالقضايا الوطنية والمشاركة في الحياة العامة.