في مجال التعلّم المستمر، لا يفضل التوقف عند الأخطاء حال اكتشافك لها. بل المهم تجاوزها، وابتكار طرق أكثر فاعلية واتباعها. تجدد بذلك بدايتك المتفائلة في استئناف التعلّم، محاذراً الوقوع في أخطاء أخرى تهدر جهدك ووقتك.
نتحدث عن الكتاب كمثال، فهو لا يزال الوسيلة الأثيرة للمعرفة، رغم ما هنالك من وسائل حديثة أكثر تنافسية، في مجال المعرفة والثقافة عموماً. وحديث الكتاب يفضي إلى الحديث بالضرورة، عن القراءة، بصفتها أحد تجليات التعلّم المستمر؛ فليس الكتاب والإعلاميون والمفكرون والمعلمون، هم فقط الذين يحرصون على قراءة الكتب. هنالك الكثير من الناس يشاركون هذه الفئة، السنة الحميدة نفسها. يدفعهم عشق عارم للمعرفة، وشغف جامح للإطلاع، سبيلاً فاعلاً يساعدهم على توسعة مداركهم. إن القراءة، مضافاً إليها مشاهدة الأفلام الهادفة والترحال عبر البلدان، والاحتكاك بثقافات الشعوب. هذه كلها تحت التعلم المستمر. تمنح فرصة خصبة للتثقف، ومثاقفة الآخر.
الخطأ الذي وقع لي خلال قراءاتي اليومية، هو ما نبهني له صديق يشاركني الهواية ذاتها: أنّي كنت أقرأ في ثلاثة كتب مختلفة المحتوى، دفعة واحدة. وقصدي من وراء ذلك كان تجنب الملل، ومقاومة الكسل، وتنويع وجبة المعارف.
وكنت أثناء وقت القراءة، أغيّر أمكنة الجلوس، ملتمساً اختلاف البيئات أو المطلّات. وكل ذلك كان يحدث في دائرة المنزل. وكنتيجة لهذه الممارسة، تراكمت في الأروقة كتب عديدة، نصف مقروءة طبعاً، ما سبب إزعاجاً.
تقبلت الانتقادات البناءة لصديقي برضى، سائلاً ما الحل؟ نصحني بتغيير عادتي السيئة، والمستحدثة، وأن أعوّد نفسي، بدلاً منها، على قراءة كتاب واحد في وقت واحد، والانتهاء منه تماماً. وخلال قراءة الكتاب، قال عليك ألا تضع كتباً أخرى في مرمى نظرك.
نفذت تعليماته الصائبة، وزدت عليها: ذهبت إلى المكتبة واشتريت عدداً كبيراً من الدفاتر الصغيرة، بحجم مساحة الكف، خصصتها لتلخيص فكرة أي كتاب أقرأه، لتسهيل العودة إليه عند الضرورة، بدلاً من البحث عن الكتاب.