بعض الصائمين لا يكترثون بالتردد على المراكز التجارية، وآخرون تبدأ طقوسهم الليلية بعد الساعة الحادية عشرة مساء، وربما أفضل الوجهات لهم للتسوق كانت المراكز التجارية خاصة الكبيرة.

حيث متعة التسوق كما يقولون وتعتبر المكان الأمثل مع ارتفاع حرارة الجو، ففيها يتسوقون ويتمشون ويتناولون وجبة السحور. لكن العجب أن بعض المراكز التي تستقبل المرتادين من العاشرة صباحاً، وتقدم مرافقها كل الخدمات لهم تغلق أبوابها عند الحادية عشرة مساء، بل من العجب العجاب أن هذه المراكز تعيش الصخب كله خلال مناسبات دينية أخرى، تحتفل وتقدم العروض والهدايا المجانية وتمتد فيها ساعات العمل حتى الصباح، وفي رمضان تغلق باكراً.

يتساءل الناس وقد أصبح ارتياد المولات للكثيرين عادة للتسوق، وتناول الوجبات لهؤلاء عن سبب تبكير إغلاق هذه المولات في شهر تبقى الناس مستيقظة حتى الإمساك وأداء صلاة الفجر، ويرون أن »المولات« هذه لم تأخذ في الاعتبار خصوصية الشهر، ولم تراع ظروف الناس فيه حيث يبدأ نشاطهم الليلي بعد صلاة التراويح، وليس قبل ذلك.

أما أولئك الذين لا تستهويهم »المولات« فالأمر عندهم سيان، بل ربما يرون في الإغلاق المبكر كف الأذى عن الناس، خاصة وأن الكثيرين لا يراعون حرمة الشهر التي ينبغي الالتزام بتعاليمه طوال ساعات الليل والنهار، ويجدون في ليالي رمضان فرصة للتزاور وصلة الأرحام والتقاء الأسر والتفافها حول بعضها.

ومع هؤلاء كل الحق في الاستفادة من ليال تبدو كسويعاتٍ تمر سريعاً، ولا يبقى منها بعد ذلك سوى ذكريات جميلة يتمنى المرء أنه لم يفوتها، خاصة مع أولئك الذين لا تسمح ظروف عملهم أو غيرها بالبقاء طويلاً بين أحضان أسرهم، ومع أبنائهم في إيقاع متسارع للحياة اليومية يأخذ من الإنسان كل شيء، ولا يبقي له شيئاً تكون الحاجة فيه ماسة لأن يكون الواحد في أحضان أسرته ووالديه أكثر من سواهما.