في جولته التفقدية في مدرسة البطين في أبوظبي وضع سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي النقاط على الحروف، حروف صاغت ركائز التنمية التي تقوم على أساسيتين هما العلوم والفنون، فإذا كانت العلوم تسهم في دفع عجلة التطوير إلى الأمام فالفنون كالموسيقى هي مرآة للمشاعر الإنسانية وذاكرتها الحية، مثل الموسيقى كذلك الرياضة والتربية الصحية تساهمان في توفير المناخ النفسي والعقلي للطلبة وتسهمان في تيسير التحصيل العلمي.
هكذا كانت بدايات التعليم في الدولة، لم تكن مدارس الدولة تستغني يوماً عن حصص الموسيقى وحصص التربية البدنية والرياضية التي لم تكن تقل أهمية عن حصص العلوم بأنواعها وكان الطلبة يتمتعون بصحة نفسية وبدنية وذهنية وعقلية لم يعد بعض طلبة اليوم ينعمون بها في ظل بعض السلوكيات الغذائية الخاطئة وبعض الممارسات الحياتية الضارة التي أخلت بالمفاهيم الصحيحة.
لا ندري ما الذي حصل خلال السنوات الماضية. لقد ساهمت التغيرات في أن تتحول حياة الطلبة في المدارس إلى ما هو أشبه بالجمود، فلا حصص تنمي الذائقة الفنية لديهم وتعرفهم على الفنون بأنواعها وتأخذهم إلى آفاق الابتكار والتفكير الإبداعي، ولا رياضة تحقق قيمة العقل السليم في الجسم السليم.
السمنة والبدانة منتشرة بين طلبة المدارس وكذلك إصابات فقر الدم والسكر وغيرها وهي أمراض تنذر بجيل غير صحي ربما لا يكون قادراً على العطاء وحمل مشعل العطاء، ما لم تكن المدرسة وقبلها البيت والمؤسسات الأخرى البوتقة الجميلة التي تحتويهم وتكون الحاضنة لإيجاد جيل قوي متمكن يكمل بما أوتي من أسباب، مسيرة العمل والبناء.
التوجيهات واضحة بأن تكون مدارس اليوم مدارس الغد جاذبة للطلبة وتحببهم فيها ولا تنفرهم منها، وأن تكون المكان المثالي الذي يودون البقاء فيه أكثر من غيره، وأن تستحوذ المدرسة على كل اهتمامهم، كل ذلك لن يتحقق ما لم تلتقِ العلوم مع الفنون وما لم تكن الفنون بكل ما فيها من روعة وجمال جزءاً لا يتجزأ من خيارات المدرسة وجانباً مضيئاً في حياة الطلبة تلامس مشاعرهم وترتقي بهم.