لا شك أن حادثة وفاة طالب وإصابة 11 آخرين بإصابات متفاوتة، إثر تدهور سيارة بسبب السرعة الزائدة، وعدم انتباه السائق، وفقدانه السيطرة على السيارة، ما أدى إلى انحرافها بشكل مفاجئ، واصطدامها بالحاجز الحديدي، في اليوم الثاني من انطلاق السنة الدراسية الجديدة، قد شكلت صدمة، ليس للميدان التربوي فحسب، بل لكل من سمع بفاجعة أسرة فقدت ابنها، ومدرسة فقدت أحد طلابها، وتمنى الجميع ليت الحادث ما وقع، وليته توقف عند حد أقل الخسائر، وليته لم يسفر عن فقد روح بريئة، راحت ضحية لأشياء عدة، لكن وقد كان ما كان وحدث المأسوف، فليس أقل من أن تقف السلطات المعنية عند الحادثة وقفة جادة، بل وحازمة، تتجاوز تبادل الاتهامات، أو توجيه اللوم، وإيقاع المسؤولية على السائق الذي يتحمل مسؤولية كبرى، حين انطلق يقل 11 طالباً في سيارة لا يزيد عدد مقاعد الركاب فيها على 5 أو 7 ركاب، على أكثر تقدير، ناهيك عن مدى تمتع السيارة بمواصفات السلامة، في وقت تكثر فيها دعوات إدارات المرور بضرورة الالتزام باشتراطات السلامة، حفاظاً على الأرواح وسلامة مستخدمي هذه السيارات على الطرقات، لكن ليس وحده في دائرة الاتهام.

ولا تقف عند حد محاسبة أولياء الأمور، الذين لم يتأكدوا من وضع فلذات أكبادهم بين أيد أمينة، تضمن لهم مراعاتها لكل ما يضمن سلامة أطفالهم، أو ما يكفل لهم عودتهم سالمين آمنين من سوء مسهم أو شر نال منهم.

لكن ما لا بد منه، أو ما يجب أن يحدث منذ لحظة وقوع الحادث المأساوي بكل المقاييس، وهو ما نتوقع أن يكون قد حدث فعلاً، أن يتصدر قائمة أولويات واهتمامات المعنيين منذ البداية، وأن يكون العمل قد بدأ فوراً، وبكل حزم وحسم، على اتخاذ إجراءات احترازية ووقائية تمنع تكرار حدوثها.

المبادرات والمشاريع الجديدة، التي أُعلنت قبل العام الدراسي الجديد، ومع انطلاقته وسعي المسؤولين عنها لتحقيق شعار العودة إلى المدارس «من طالب إلى قائد»، تتطلب، وقبل كل شيء، تأمين سلامة الأبناء منذ لحظة مغادرتهم منازلهم، وحتى العودة إلى أسرهم.

وعليه، ننتظر سماع الخطوات العملية في هذا الصدد، والخطط المدروسة والشاملة التي توقف هذا النزف السنوي، وتحمي الطلبة من رعونة السائقين وتهورهم، وإهمال من تقع على عاتقهم مسؤولية حمايتهم ورعايتهم.

لا حاجة هنا لتأكيد أن مثل هذه الفواجع تمتد آثارها الأليمة، وتخلف ذكرياتها المؤلمة في النفس، حزناً وخوفاً وقلقاً، نتمنى أن تتبدد حتى تعود إلى القلوب هدأتها، وتستكين النفوس.