أشكر قناة دبي الفضائية، التي قدمت لنا المسلسل التركي المدبلج "حريم السلطان"، والذي حمل عنواناً مثيراً للرجال والنساء في العالم العربي، مما جعلنا نهتم بالتاريخ العثماني العريق مرة أخرى، بل دفع الكثيرين منا للبحث عن معلوماتٍ من المؤرخ (جوجل).
وقد أجابهم بأجوبة شتى لكن المستشارة (وكيبيديا) تسعف الباحثين بأهمها، ومع ما ذكرت أمس عن موضوع مصادر التاريخ وأنه لا يؤخذ من مسلسلات أو أفلام، بسبب عدم معرفتنا بمؤلفيها، وكذلك لا يوجد تدوين لكل هذه الأحداث بالتفصيل، ولكنها من خيال الكاتب والمخرج ولاعلاقة لها بالأحداث الحقيقية ولكنها تشير إلى الأحداث العامة فتقع الفائدة للمشاهدين، فهل كل المعلومات التي ليست من خيال الكاتب صحيحة ومتفق عليها؟
نستطيع تقسيم الأعمال التاريخية التي يمكن أخذ الفائدة منها إلى 3 أنواع:
- معلومات صحيحة ومحققة مثل فيلم مالكوم إكس الأمريكي.
- معلومات صحيحة وفيها معلومات مختلف فيها مثل فيلم الإسكندر الأخير.
- معلومات أكثرها لا صلة لها بالحقيقة وإنما هي للتشويه والترويج مثل فيلم شكسبير الأخير الذي أظهر الأديب العالمي أمياً جاهلاً .
وهناك الأفلام والمسلسلات التي ليس فيها من الصحة إلا اسم الشخصية التاريخية، وهي كثيرة في الغرب والشرق مثل مسلسل أبي زيد الهلالي وعنترة وغيرهما، وليس على القنوات الفضائية التأكد من صحتها، لأنها لا تستطيع التمييز بين التواريخ الصحيحة من غيرها، وإنما هي تسعى لكل جديد تنافس فيها القنوات الأخرى، والتصحيح والتنبيه من مهمات المؤرخين المحققين.
قالت لي إحدى الأخوات: هل نتابع مسلسل حريم السلطان أم لا؟ فقلت لها: هذا اختيار شخصي عائد إلى ما تحبينه، ولكن بشرط أن تعتقدي أن هذا ليس مصدرا للتاريخ وإنما للترفيه ليس إلا!! وقال لي أحد الإخوة: لماذ هذه الضجة على المسلسل وتكتبون عنه المقالات أليس على من يبثه اللوم؟
فقلت: القنوات الفضائية كما ذكرت تتسابق إلى ما هو جديد، وعلى أهل التاريخ والعلم التوجيه والتنبيه، ولا نستطيع إجبار الفضائيات سماع التوجيهات والنصائح، بل على المشاهدين الحرص ومحاولة البحث والتدقيق في المعلومات وسماع النقد البنّاء الصحيح إذا أرادوا الحقيقة.
أتابع معكم سيرة السلطان سليمان العظيم كما يسميه الغربيون:
- في 1521 استطاع سليمان القانوني فتح بلغراد عاصمة الصرب، وكان هذا الفتح بداية لكل فتوحاته في أوروبا فقد سقط الجدار العنيد تحت وطأة مدافعه التي ليس لها مثيل تلك الأيام.
- في 1526 تحركت جيوش القانوني إلى بلاد المجر (هنغاريا)، واستطاع الدخول إلى عاصمتها "بود" التي تسمى اليوم بودابست وقتل ملكها لويس، وعاد بنفائس كنوزها بعد أن حول كنيستها إلى مسجد كعادة سلاطين بني عثمان.
- قام شارل الخامس وأخوه باحتلال بودابست وطرد منها الحامية العثمانية، مما جعل سليمان يتحرك ثانية ويفتحها مرة أخرى ثم قام بحصار "فيينا"سنة 1531م، ولكنه لم ينجح حيث استبسل النمساويون للدفاع عن عاصمتهم ولكنهم اضطروا لفترة طويلة لدفع الضرائب للعثمانيين مع تجدد الحروب بين فترة وأخرى.
- في 1532 بدأت المعارك العثمانية الصفوية، حيث أسفرت عن احتلال عدد من المدن الإيرانية وقام بطرد القوات الصفوية من بغداد سنة 1535، وبقيت الحروب بينهما حتى سنة 1555م، حيث تم توقيع الصلح بعد أن أمّن القانوني مناطق نفوذه كلها.
وللحديث بقية