تعد »تبة المصارية« التي تقع في منطقة (الجفينة) غربي مأرب من أهم المواقع الاستراتيجية التي كانت تسيطر عليها مليشيات الحوثي وعفاش قبل سيطرة التحالف العربي عليها، وبسببها تمكّن الحوثيون من السيطرة على مناطق الجفينة والفاو والمنين جنوب غرب مدينة مأرب في يوليو الماضي. وأقول: إنّ من فوائد الربيع المشؤوم الذي يسميه الإعلام الغربي ظلماً الربيع العربي أنّنا تعرّفنا إلى جغرافية الوطن العربي الذي أنهكته الحروب الأهلية بسبب الخيانات الكثيرة والجهل المطبق على شبابنا العربي الذي كان مغيباً عن الواقع فلم يفق إلا بعد دمار وطنه..
وقد كانت النتيجة أنّ المشاهد العربي حفظ أسماء المدن والقرى العربية في سوريا واليمن وتونس وغيرها حتى أصبح يميّز بين تلالها وسهولها وجبالها، ومن بينها »تبّة المصارية« هذه التي تكرر الحديث عنها هذه الأيام في الأخبار، حيث تدور حولها المعارك، معارك الشرف العربي واسترداد الشرعية من الخائن عفاش المخلوع وجماعة الحوثي الضال الذي باع عروبته ووطنه من أجل السلطة والمال، ولم ينظر إلا إلى مصلحته الشخصية، فعرّضا بلادهما إلى التدمير والخراب والتعاسة ولا يهمهما ذلك إذا بقيا في أمانٍ عن مدافع التحالف العربي، وذلك لن يتحقق بل دونه (خرط القتاد) كما تقول الأمثال العربية، والدائرة تضيق عليهما في كل دقيقة وسيكون مصيرهما مصير الذين سبقوهما من الطغاة.
عند البحث عن معنى »تبّة« في المعاجم العربية فلن نجد المعنى المستخدم في الشام واليمن والعراق والتي تعني (التلة) وبزيادة البحث نكتشف أنّ أصلها من اللغة التركية وليس من العربية، وقد ظننت أولاً أنّ الأتراك استبدلوا حرف اللام في المفردة العربية وجعلوها باء ولهذا سألت أخي الدكتور المؤرخ زكريا كروشون عنها فقال: هي مفردة قديمة في اللغة التركية وتكتب هكذا (TEPE) وتجمع على (TEPELER) ويلفظ الحرف الأخير (E) هاءً، ولكنّ العرب يعربونها وينطقونها بالباء العربية وليست الباء الفارسية (پ) كما هي في التركية، ويضيفون كذلك عليها التاء، ولا أدري ما حاجة العرب لاستخدام مفردةٍ ليست عربية ولديهم لغتهم وفيها نفس المفردة باختلاف حرفٍ واحد وهي (التلة) وقد يكون ولع الأمم المغلوبة بتقليد الأمة الغالبة هو سبب ذلك.
ويقال إنّ سبب تسمية هذه التلة الوعرة بـ»تبّة المصارية« هو أنّ الجيش المصري في منتصف ستينيات القرن الماضي هلك فيها أثناء الحرب بين الملكيين والجمهوريين وأنا أستبعد هذه الرواية، بل أظن أنّ الجيش المصري اتخذها مكاناً استراتيجياً له وبه سمّيت، وقد يكون تركها بعد توالي الضربات عليه من جهة الملكيين، ولكن أن يكون هلك هناك فهذا لم أجده في أي مرجعٍ تاريخي إلا من روايات بعض سكّان مأرب، وفي هذه الحرب اليمنية الجديدة تحصّن فيها الإرهابي الحوثي والحرس الثوري العفاشي لإطلاق أسلحتهم على المدنيين منتهكين كل القوانين الدولية في تجنيب المدنيين من أهوال الحروب ولكنهم لا يخافون الله فكيف سيحترمون ديناً أو قانوناً دولياً، ومآلهم للزوال القريب بسبب ظلمهم وقتلهم الأبرياء بغير حق، فلم يبق عن تطهير مأرب من العفاشيين والحوثيين إلا القليل القليل وسيكون قريباً الطريق إلى صنعاء ممهداً بفضل الله ثم بفضل جنودٍ مخلصين اجتمعوا في قوات التحالف العربي لتخليص اليمن السعيد من هذا الوباء الإيراني الخائن، وسينعم أهلنا في اليمن، بإذن الله، بالخير والأمن عند زوال هذا الطاغية صالح ومن والاه من المجرمين.