منذ تحرير عدن أواخر رمضان الماضي ووصول قوات الجيش اليمني إلى محافظة مأرب التاريخية بمساندةٍ كاملةٍ من التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية والأخبار لا تتوقف عن ذكر »مأرب« والتي شهدت أعنف المعارك مع الإرهابيين من قوات عفاش الخائن ومليشيات الحوثي اللذين باعا اليمن إلى الأعداء من أجل بقائهما في السلطة ووالله إنّهما سيخسران اليمن والسلطة وأرواحهما بسبب ما فعلاه في اليمنيين المساكين الذين يقتلونهم صباح مساء بدماءٍ باردةٍ ولا يرفُّ لهما طرف ولا يشعران بالندم على كل ما فعلاه في الآمنين بانقلابهما المشؤوم على الشرعية واستخدام الصواريخ لهدم البيوت والمستشفيات على رؤوس أهلها كما حصل في عدن قبل تحريرها منهم والآن يحصل في تعز المنكوبة وستحرر بإذن الله كما تم تحرير مأرب ومن ملك أرض مأرب فسيدخل صنعاء حتماً.

»مأرب« اسمٌ عزيز على العرب جميعاً فهي أرض أصيلةٌ لكثير من العرب الذين هاجروا من اليمن بعد حادثة السيل العرم وهدم السد المشهور، ومدينة »مأرب« هي عاصمة سبأ التي ذكرت في القرآن والكتب السماوية الأولى ومنها خرجت أشهر ملكة في العصور القديمة الملكة »بلقيس« كما جاء اسمها في بعض الكتب وقصتها مع نبي الله سليمان مشهورة في كتاب الله العزيز، وفي هذه الأرض الأسطورية بنا السبئيون سدّهم التاريخي في القرن السابع قبل الميلاد، ويرجّح بعض من المؤرخين بأنّه أول سدٍّ مائيٍّ في العالم وموضعه استراتيجي إذ يقع بين ثلاثة من الجبال، وقد بُني بشكل هندسي عجيب يجعل مياه السيول تصب كلها في موضع واحد، وليس لتلك المياه إلا مخرجٌ من جهةٍ واحدة، وقد قام السبئيون بسدّ تلك الجهة بالحجارة الصلبة والرصاص ليجتمع فيها ماء العيون مع ما يصل من مياه السيول فيصير خلف السد كأنها البحر العظيم، فإذا أرادوا سقي زرعهم فتحوا من ذلك قدر الحاجة بأبواب وهندسة محكمة تدل على تطور معماريٍ لديهم فيسقون حسب حاجتهم ثم يقفلونه.

وقد هُدم سد مأرب مراتٍ عدة من ذلك التاريخ حتى جاء الزعيم حكيم العرب والدنا الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فأعاد بناءه في عام 1986 فقال في هذه المناسبة الشاعر المؤرخ حمد بوشهاب، رحمه الله، قصيدة من عيون شعره ومنها:

حيّاك يعربُ عن بنيه وتبّعُ                 وتحدّثت عنك الجهاتُ الأربعُ

واستقبلتك مروجها ونجودها               وقلوبها وأكفّها والأذرعُ

وتوقّف التاريخُ دونك برهةً                متأملاً متمهلاً يستجمعُ

وشدا معين وحميرٌ بك والتقى             سيف بن ذي يزن الفتيُّ الأروعُ

وترنمت سبأ بلحنٍ خالدٍ                   إكسيره الذكر الجميل الممتعُ

وتطلعت بلقيسُ من عليائها                ترنو إليكَ وكيف لا تتطلّعُ

وبك استعاد حفيدها ما حطّمتْ           كفُّ الزمان وشتتّت ما جمّعوا

حقاً بزايد استعاد أحفاد »بلقيس« دهم العظيم الذي حطمته أيدي الزمان، ويأتي اليوم سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله وأيده بنصره، ليكمل مسيرة والده في عاصفة الحزم ويساعد اليمن في محنته ويقف صفاً واحداً مع أخيه خادم الحرمين الشريفين لتخليص الجزيرة العربية من الخونة، وممن باعوا العروبة بثمنٍ بخسٍ للأعداء المجرمين.

هذا وقد اختلف أهل التاريخ في سبب تسمية مأرب بهذا الاسم فبعضهم يقول إنها من مفردتين هما »ماء ربّ« دلالة على كثرة الماء عندما تجمّع بسبب بناء سد مأرب، وبعضهم يفسر الاسم على معناه اللغوي وهو الغرض والغاية فكأنّ كل من ينزل في »مأرب« سيجد غايته ومأربه وقد استخدمه شاعرنا بوشهاب أجمل استخدام في قصيدته التي ذكرت مطلعها فقال:

يا بانياً صرح الرخاءِ لأمةٍ                       خلّدتَ ذكراً بالشذى يتضوّعُ

ذكراً تردده القرون محامداً                      ومآثراً منه المروءة تنبعُ

حقّقت مأربَ »مأربٍ« في سدّها              وأعدت ماضيها فطاب المربعُ

هذا وأدعو الله أن تتوالى الانتصارات حتى نصل إلى »صنعاء« قريباً، وتعود اليمن كما كانت لنكمل معها مسيرة البناء والتنمية وليعيش أهلها الكرام في أمن وأمان وسعادة.