Al Bayan

رسائل الفجر

لعل من طرائف المواقف التي يتعرض لها معظم الناس، والتي ليس بالضرورة أن تكون سعيدة، هي الرسائل التي تصلهم من السلطات المعنية تعلمهم بالمخالفات المرورية التي ارتكبوها خلال ساعات اليوم السابق، أما مبعث الطرافة في هذا الرسائل فهي قطعاً ليست محتوى الرسالة.

فالمخالفة المرورية في أبسط حالاتها تعني غرامة مالية واجبة الدفع بخلاف النقاط السوداء التي تحسب عليها في بعض الحالات، وربما أكثر من ذلك، بل إن الطريف في هذه الرسائل أنها لا تصل إلا الفجر.

وبالتالي الأفضل لمن ينزعج منها ألا يتصفح الرسائل في ذلك الوقت حتى لا تنغص عليه يومه من بدايته، اختيار هذا التوقيت لبث رسائل المخالفات لا شك له ما يبرره لدى الجهات المعنية، وإن لم يعرف عموم الناس سبب ذلك.

لكن ما يعني الكثيرين وربما يزعجهم أكثر من توقيت تلقي الرسائل النصية القصيرة فجراً هو المخالفة الغيابية، فإن وصلت بالصور التي توضح تفاصيل ارتكاب المخالفة ولا تترك مجالاً للشك والاعتراض فلا بأس، أما أن تتلقى مخالفة غيابية تكون محل شك، خاصة مخالفة عدم الالتزام بخط السير، ولا يوجد ما يؤكد وقوعها فعلاً.

إلا إذا كان الفصل في ذلك الرجوع إلى مصدر المخالفة مقابل مبلغ 500 درهم، في حين أن قيمة المخالفة نفسها هي 400 درهم فليس أفضل من تجاهل الأمر برمته، السؤال: مدى قانونية المخالفة الغيابية.. تساؤل مشروع.

لكن التساؤل الأكبر ماذا عن كمّ العبث والاستهتار الذي تشهده جميع الطرقات الخارجية والداخلية، وهذا ليس من قبل الشباب محبي السرعات، بل الآلاف المؤلفة من الذين يقودون سيارات ثقيلة ونصف ثقيلة وحتى الخفيفة، مرده غياب الوعي وثقافة التعامل مع الطرقات من قبل البعض، معرضين حياة الآمنين وسلامتهم للخطر.

فما أقسى أن يدفع الملتزم ثمن رعونة البعض، أو تتهدد سلامته، أو يفقد حياته فقط لوجوده أمام أو بجانب سائق مستهتر، هؤلاء أين هم من المخالفات الغيابية التي تستوجب ضبطهم وردعهم ومعاقبتهم.

بصراحة لا تزال طرقاتنا مسرحاً لكل فنون المخالفات، والسير فيها خطر محدق، ووقوع ضحايا أبرياء أمر مؤلم، والعقوبات غير رادعة بالحد الكافي طالما لا يتحمل المستهتر كافة تبعات استهتاره، ولا يعدو الأمر أكثر من تكاليف تصليح سيارة المتضرر تتحملها شركات التأمين، نتمنى خطاً رادعاً يوقف هذا النزف و الهدر.