الدكتورة ميرة البلوشي طبيبة وباحثة شابة من مواليد 1996 من مدينة كلباء في الشارقة، حصلت على بكالوريوس في الطب والجراحة من جامعة الشارقة، وكانت طبيبة مقيمة في قسم التخدير والعناية المركزة في مستشفى راشد، وحصلت على ماجستير في الجودة والأمان في إدارة المنشآت الصحية الملكية للجراحين في إيرلندا.

اهتمت الدكتورة ميرة بالتاريخ الإسلامي والسيرة النبوية، وأنهت كتابة كتابها «ما قبل النور»، قبل أن تذهب ضحية سائق متهور في نوفمبر الماضي وهي في طريقها إلى العمل، مكثت في المستشفى أياماً وبعدها فاضت الروح إلى بارئها، مخلفة وراءها حلماً لم يتحقق، وغصة وحسرة في قلب كل من عرف هذه الطبيبة الرائعة الجميلة روحاً وخلقاً وسيرة ملأت الأرض عطراً فواحاً.

قرار العائلة كان استكمال حلم ميرة، واجتمع أفرادها واتفقوا على إنجاز ما لم يمهل القدر ابنتهم على إنجازه وفاء لذكراها وتقديراً لرغبة كانت تسكنها، ليصبح الكتاب بين الإصدارات الجديدة لمعرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الحالية، غابت ميرة عن توقيع كتابها وإهدائه لمن يشهد التوقيع، ولكنها أثرت المكتبة العربية والإسلامية بهذا الإصدار، وتم تخصيص ريعه للخير.

خبر صدور الكتاب بقدر ما أعاد إلى الأذهان ألم فراق ميرة، بقدر ما أسعد من عرفها ومن لم يعرفها، فالكل باتوا يدعون لها بالرحمة والمغفرة على منصات التواصل الاجتماعي ويعددون مناقبها، ويتحدثون عن كلمات خطها قلمها من قلب صادق خالص.

ميرة لم تعش طويلاً، لكن سنوات عمرها القصير كانت ساحة عطاء، تميزت وتفوقت في التعليم، فأصبحت طبيبة ونالت درجة الماجستير، وكانت كذاك مليئة بعطاء من نوع آخر، أتت العلم والحكمة، وحققت مقولة، «إنما الإنسان أثر»، تعبيراً عن مدى التأثير الذي يتركه الشخص من خلال أعماله وأفعاله حتى بعد ربيع الرحيل، فوجود الإنسان ليس بما يمتلكه وبالسنوات التي يمتد بها العمر، بل بما يتركه من أثر إيجابي وإرث معرفي وإنساني، يستمر في التأثير بعد رحيله، ويبقي الذكرى حية، رحم الله ميرة، وأسكنها فسيح جناته، وجعل إصدارها في ميزان حسناتها.