نجح منتخبان فقط من المنتخبات العربية في أن يقدما نفسيهما كمنتخبين منافسين في كأس آسيا 2015، هما منتخبا (الإمارات والعراق).. فيما خرج بل سقطت المنتخبات السبعة العربية الأخرى أمام اختبارات آسيا، وودعت مبكراً من الدور الأول، ولم تكن لمشاركتها أن توصف سوى بالشرفية!
منتخب الإمارات قدم نموذجاً للمنتخبات المنظمة ذات البعد التخطيطي والعمل الذي يتصف بالمدى البعيد من خلال كوكبة النجوم الشابة التي يقودها مهدي علي منذ (8 سنوات)، وتدرجت على يد هذا المدرب الوطني من المنتخبات السنية حتى المنتخب الأول الذي حقق هدفه الذي أعلن عنه المدرب منذ أكثر من سنتين، بأنه سيصل للدور قبل النهائي وكان له ذلك.. وأعتقد أن منتخب الإمارات نموذج ناجح للعمل الممنهج الطويل الذي اعتمد على التكوين الأساسي من مبدأ العلم في الصغر كالنقش على الحجر.. لذلك نجح الأبيض في أن يتأهل للدور الثاني ويزيح منتخب مثل اليابان من طريقه بدور الثمانية، ليصل للدور قبل النهائي قبل أن يخسر من أستراليا.
وبذلك، فإن منتخب الإمارات قدم رسالة بأن التخطيط والعمل الجاد والتكوين هو الطريق لتحقيق نتائج متقدمة.. ولا مكان للاجتهادات الوقتية التي تقوم بها بعض المنتخبات العربية التي سقطت سقوطاً ذريعاً، بل تهاوت من القائمة الآسيوية.. بعد أن واجهت منتخبات شرق آسيوية كانت كفيلة بأن تسلمها رسالة بليغة بأنكم منتخبات غير قادرة على الذهاب بعيداً في القارة الآسيوية، فكيف لكم أن تفعلوا في تصفيات كأس العالم؟!
منتخب السعودية الذي كان ضمن المرشحين سقط في اختباره أمام منتخبي الصين أوزباكستان.. فيما خسر منتخبنا الوطني ومنتخب الكويت في مجموعة ضمت منتخبي كوريا الجنوبية وأستراليا وخرجا مبكراً.. ومنتخب قطر تعرض لسقوط مدوٍ في اختبار آسيا، رغم أنه لعب في مجموعة ضمت الإمارات والبحرين، إضافة إلى إيران وخسر رهان لقب كأس الخليج.. فيما تراجع منتخب الأردن كثيراً، رغم أنه لعب في مجموعة ضمت منتخبين عربيين هما العراق وفلسطين وهو الفريق الذي حقق نتائج مبهرة في النسخة الماضية!
وفي الوقت الذي سقطت فيه منتخبات تملك مقومات مالية كبيرة ومناسبة بالتفاوت، نجح المنتخب العراقي في أن يصل للدور قبل النهائي بعد تأهله من مجموعة ضمت معه منتخب اليابان، وأزاح بدور الثمانية منتخب إيران بعد ماراثون طويل، أثبت أن المال وسيلة وليس ضرورة حتمية إذا وجدت الرغبة الأكيدة، فقد انتفض أسود الرافدين من المصاعب والمشاكل التي تحاصره ولم يُعرها اهتماماً كبيراً، لأنه أراد أن يحقق شيئاً في القارة ليكون أحد الكبار، وكان له ذلك رغم خسارته من كوريا الجنوبية قبل النهائي!
نموذجا الإمارات والعراق يقدمان درساً للكرة الخليجية والعربية في إعادة ترتيب المنظومة الكروية التي أصبحت مكشوفة بقدر كبير، وتحتاج إلى كثير من التأهيل سواء في سياسة مشروع الاحتراف الذي أثبت أنه مشروع على ورق، ولا يقدم الكثير من الطموحات..
وعلينا أن نراجع هذا الملف الذي أصبحنا نتغنى به وهو لا يستحق كل هذا.. بجوار التوقف أمام الخطط التي تقوم عليها المنظومة الكروية العربية التي تحتاج إلى كثير من العمل والتجديد.. مع ضخ دماء إدارية جديدة مؤهلة لفهم الأسباب التي جعلت الهوة واسعة بين شرق وغرب القارة!
أمامنا تصفيات كأس العالم التي ستبدأ في الصيف المقبل.. وهي التي تحتاج إلى تنظيم شامل وحقيقي.. وتحتاج جرأة في العمل وشجاعة في القرارات.. ومن لا يجد في نفسه الكفاءة فليترك الكرسي للأجدر، لأن الكرة الخليجية والعربية لا أعتقد أنها ستتحمل إخفاقات جديدة!