لقد كانت أكثر من مجرد مقابلة وآراء حرة وشخصية، ربما كانت تحقيقاً وتحققاً وتدقيقاً مسبقاً، هذه هي اللقاءات، وهذه هي الشخصيات التي تثري ساحة وثقافة وكفاءة الإدارة الرياضية، ولم لا، فمصدرها الشخصيات القيادية التي صالت وجالت في منارات العلم، وفي مواقع العمل، وفي ميادين المنافسة، وفي ساحات المساهمة.

ولهذا، كانت نتائج اللقاء مع الأخ العزيز علي بوجسيم، والمنشور مؤخراً في البيان الغزير، كانت النتائج أكثر من مجرد وضع النقاط على الحروف، بل وتشكيل الحروف وتجميعها، ومن ثم توضيحها وتصنيفها، فكانت كتاباً مفتوحاً ودليلاً مرشداً، شكراً لبوجسيم وأمثاله كثير، وشكراً لمن تناغم معه، فكانت هذه السمفونية التي يمكن أن تكون خالدة وصالحة لكل زمان ولكل مكان، بل ولكل مجال ولكل عنوان.

هذه المقابلة تفرض علينا تصفح سطورها، وتحتم علينا تداول مدلولاتها، فالخبرة الحياتية العملية القيادية، هي مصادر المشورة الإيجابية للإدارة الشبابية، التي تقود مستقبل كرة ورياضة دولة الإمارات العربية، لخص بوجسيم خدماته الاستشارية التطوعية، في جمل مختصرة، وعبارات موجزة، لا تحتاج إلى الكثير من الشرح.

ولا تحتاج إلى إضافة أو طرح، ولا إلى ضرب أمثلة ولا إلى تقسيم، بل هي أصلاً كلها مقسمة، لكل منها هدف وعنوان ومسار، وقرار ومعيار، هنا، تكون مقومات القيادة قائمة وواضحة، وهكذا تكون محركات الإدارة فاعلة ومنتجة، فماذا قال بوجسيم؟.

قال «متفائل بعهد بن غليطة، وأرى أنا في هذا تأييد وتحفيز للقيادة الشبابية الطموحة»، وقال «نطالبه بخطة الأربع سنوات»، وفي هذا، أرى أن الموضوع ليس مجرد لعب كرة، فالخطة الممكنة مطلوبة الآن، وقال «تقييم الأعضاء يتوقف على عطائهم، وليس على أنديتهم».

وأرى في هذا إشارة إلى أهمية الحوكمة والتقييم، وربما إلى أهمية الاستقلالية، اعتماداً على جاذبية الشخصية، وليس على نفوذ الأندية، وقال «أطالب الحكام بتطوير أنفسهم ورفع سقف طموحاتهم»، وأرى في هذا إشارة مباشرة، إلى أن التفوق هو اختيار وقرار ومسار شخصي، والنجم يفرض نفسه ساطعاً وعالياً وبارزاً.

وقال «رئاستي رابطة الحكام أمراً مستحيلاً»، وبالرغم من أنه كان مرشحاً لرئاسة الاتحاد، وأرى في كل هذا إشارة واضحة، إلى أن المناصب التنفيذية تحتاج إلى تفرغ، كما أنها تحتاج إلى شباب، وهنا، نشاهد الواقعية وعدم استهداف الكرسي حتى نعطي، بل أبدى استعداده لتقديم المشورة، كلما كانت فرصة أو حاجة.

وهكذا كان اختياري لآخر قراءة في نتائج المقابلة، وفي تقديري أنها أهمها، حيث قال بوجسيم «أنصح بتكوين فرق عمل صاحبة خبرة لمساعدة الاتحاد»، وأرى في هذا توصية مباشرة ومركزة إلى أن الاتحاد لا يمكن ولا ينبغي أن يعمل منفرداً، ومن المعروف أنه كلما كانت الآراء والاستشارات متعددة ومتنوعة، كانت الأدوار متكاملة، والأنوار محيطة بمشروع القرار.

وبالتالي، ستكون المسارات مضيئة وواضحة، وسيكون القرار شراكة من المجتمع وإلى المجتمع، وغالباً سيكون مكتملاً ومقبولاً، ونجاحه يتوقف على كفاءة تنفيذه، ولهذا، كانت أيضاً من تقاسيم بوجسيم، أن الأعمال التنفيذية تحتاج إلى إدارات احترافية متفرغة ومؤهلة.

ما سبق كانت تقاسيم سيمفونية بوجسيم الرياضية الموسيقية، وكما تناغم معها الزميل العوضي، حاولت أنا التناغم معها من وجهة نظري، ولهذا، أجده توافق معي تماماً في مجال المختبر الأهم، وهو مختبر المجلس الاستشاري لكرة القدم، مع عضويات استثنائية متنافسة ومنتقاة ومتنوعة الاختصاصات من داخل جوف الكرة ومن خارج محيطها، وهكذا، تكون الكرة من المجتمع وإلى المجتمع، وبرعاية القيادة الحكيمة وأولي النهى والمشورة والاستقلالية.