كان إطلاق مجالس رياضية في الدولة خطوة رائدة، تواكب التطور الحادث في العالم في مجال فصل التخصصات والاحترافية والتخطيط المنهجي، لإحداث نقلة رياضية على جميع الأصعدة ودعم الأندية الرياضية، وكانت تلك الخطوات الإيجابية في الفكر والتخطيط غير قابلة للتطبيق ميدانياً بالقدر الكافي.



 والذي من المفترض أن يصب في جعل الرياضة أسلوباً للحياة، وتمارس من قبل أعداد كبيرة من السكان، بجانب توفير بيئة مثالية للعمل الرياضي، وتلبية احتياجات المجتمع وفئاته السنية المختلفة، مع اكتشاف المواهب المتميزة وصقلها لتحقق كسباً عالمياً يذكر.



ولا ننكر أن هناك مكتسبات حققتها تلك المجالس، كتعريف العالم من خلال بعض الفعاليات والبطولات على جانب مهم من التنمية الكلية في الدولة، ولكن ما هو دور المجالس الرياضية الرئيسي؟ هل هو حوكمة العمل الرياضي ضمن استراتيجيات لها مؤشرات معروفة لدى المجتمع عما تحقق وما لم يتحقق من وعود؟



فالفعاليات قد تغطي بعض أوجه القصور في العمل المؤسسي الرياضي، ولكن هل تساهم في جعل فرد المجمع يردد بأريحية أنها تلبي سياسات ومشاريع حكومتنا الرشيدة، لجعل المواطن أولاً وهو المستفيد الأكبر من تلك العملية برمتها؟



وهل أنديتنا تطورت بعد ظهور المجالس الرياضية، لدرجة أن نادياً كبيراً بإمكانيات رائعة يصارع على النزول لمصاف أندية الدرجة الثانية، أو نادٍ سوبر يأتي بلاعب كان احتياطاً لمدة موسمين في ناديه وفي سن 33 سنة، ليقول لجمهوره نحن أعلم بحجم طموحاتكم!



فأين هي المعايير لتطوير العمل الرياضي؟ وأين هي الإجراءات الاستباقية لمجالس الرياضة للحد من الهدر والتنبؤ بالمخاطر، ووقف الخلل في المؤسسات الرياضية ومعالجته قبل أن يستفحل.



وأنظر إلى مسمى الهيئة العامة لرعاية الشباب والرياضة، والذي لا يغطي جميع أفراد المجتمع ويخص الشباب دون سواهم، وهو مفهوم لا يتناسب مع هذا العصر بدلاً من أن تكون مؤسسة قوية، ولها اليد العليا لتنمية شؤون المجتمع الرياضية.



فهل سيقودنا وجود مجالس رياضية لنهضة رياضية مجتمعية شاملة؟ فالرؤية الثاقبة تحتكرها ألعاب بعينها، ونشاطات معينة تخص ولا تعم، وضرورة احتراف كل العاملين في القطاع الرياضي، وتأهيلهم بما يتناسب مع مكانة الدولة على المستوى العالمي، بدلاً من أن تكون اتحاداتنا الرياضية مشغولة في صراعات إعلامية ونزاعات وقضايا مع الأندية، والدفاع عن ممارسات أعضاء ولجان تلك الاتحادات والقرارات التي تتخذها، وضعف النتائج أكثر من تفرغها للتخطيط والعمل.



والأمر الآخر المثير للجدل هو اختيار رؤساء وأعضاء الاتحادات، واعتقاد البعض أن هناك محاصصة وشخصنة، ولربما دوراً للمجالس الرياضية في دعم مرشح دون غيره، وبروز قيادات متوسطة خلفاً لهامات رياضية عملاقة، لها سجل نجاح حافل لتضعف الاتحادات، وليتساءل البعض من المنتفع من كل ذلك؟



الأشخاص، أم الأندية أم رياضة الإمارات؟ فالمجالس الرياضية قد تكون وصفة سحرية لإصلاح الشأن الرياضي، ولكن ليس قبل إحداث تغييرات جذرية في مفهوم وآلية عمل المجالس نفسها!