التجنيس في كرة القدم، لغة عالمية ولكن آلية التجنيس هي المختلف عليها، وأنا ممن ينادون بضرورة التجنيس في الأندية الإماراتية على وجه المساواة وبما ينفع كرة القدم الإماراتية ولكن دعنا نقول «تجنيس عقلاني» لا يحول المنتخب لفريق «مسخ» لا يتحدث فيه معظم اللاعبين لغة البلد ويقومون بطقوس دينية معينة قبل الدخول وأثناء الخروج من الملعب.

ويتحدث العالم أجمع عن التجنيس في فرنسا، وهو في حقيقة الأمر، ثقافة وسلوك حضاري، قبل أن يكون مسألة رياضة وإن كان في فرنسا معارضة للتجنيس من عدد ليس بقليل من الفرنسيين الذين يتغنون بالقومية الفرنسية ونظرة يمينية قاصرة ولكن عندما يرتفع العلم الفرنسي فوق الرؤوس يتحد الجميع في شعار المجد لفرنسا.

وأما عن التجنيس لدينا فهو أمر قائم منذ السبعينات وليس أمراً جديداً، وكل دول الخليج جنست ويرجع العديد من أبرز نجومها إلى جنسيات أصلية مختلفة، بغض النظر إذا ما كانوا مسلمين ويتحدثون اللغة العربية ويعد اندماجهم في المجتمع أسهل وتقبل المجتمع ذلك التجنيس لروابط تاريخية ونفسية.

وفي الماضي لا تزال أبرز أنديتنا مستفيدة من تجنيس العرب وغيرهم، وبعض أعرق أنديتنا كان يلعب لها أربعة نجوم مجنسين غير عرب، ولم يتشدق أحد ويقول لماذا تم تجنيسهم ولم تكن قضية قرار جماعي وإنما شأن رياضي خاص بكل فريق وقوة إدارته ونفوذ رجالاتها.

ففي الماضي كان هناك شبه قانون عرفي في التجنيس الرياضي، ومدى تقبله عندما يتعلق الأمر بمن يعودون لأصول مسلمة عربية ونشؤوا في الدولة وهم جزء من المجتمع؛ ولذلك لم يكن موضوع التجنيس ملفاً ساخناً، أما في الوقت الحاضر فيختلف الوضع وأرى أنه يجب أن نبدأ بتأسيس دوري أحياء، وأندية اجتماعية ومؤسسات حكومية وخاصة ومدارس وجامعات واكتشاف المواهب النابغة من سن مبكرة ووضع معايير وأسس تقنن التجنيس الرياضي.

ومسألة المناداة بالتجنيس مع كل إخفاق للمنتخب.. هل هو طرح منطقي؟ وماذا سيحدث لو ابتعد هذا اللاعب أو ذاك لسبب أو آخر؟ وهل يعتمد المنتخب ونجاحه على لاعب أو لاعبين؟.. كلها تساؤلات في محلها وطبيعية.

فالتجنيس لا يجب أن يكون بمثابة تخدير موضعي وفي نفس الوقت لا أرى عيباً في البدء فيه تزامناً مع تفعيل التجنيس في الرياضة وفق أجندة رياضية وطنية واضحة تقود المجتمع ككل نحو غاية الوصول لنضج رياضي والاعتراف أن كرة القدم أصبحت فكراً وعلماً وثقافة مجتمع كروي، وليس مجرد توفر الكم الهائل من المواهب وعدد الممارسين للعبة؛ ولذلك نحن في الأساس بصدد رهان خاسر في الكرة الإماراتية إذا جنسنا بمعزل عن تعديل ومراجعة منظومة كرة القدم ككل والعودة لجذور المشكلة وواقعنا الاجتماعي.