هناك أندية، هي جزء أصيل من تاريخ الرياضة في أي بلد، ويجب الحفاظ عليها كتراث رياضي يستحق الترميم، وجعله مزاراً دائماً لعشاق الفن الرياضي الراقي، وفي الإمارات، ينطبق ذلك القول على نادي الوصل الرياضي الثقافي، وأندية كبيرة أخرى في الدولة، يرتفع بارتفاع مستواها، مستوى الجذب والتشويق في دورينا، ولا غرابة أن الوصل صاحب الجماهير العريضة والتاريخ العريق، أن يكون له معجبون في كل إمارات الدولة وخارجها، وهم يترحمون اليوم على الأيام الخوالي، بكل تفاصيلها الصغيرة قبل الكبيرة، وعلى الإنجازات في الزمن الجميل، ولكن كيف انهارت أسطورة هذا النادي الكبير، في زمن الاحتراف، وأصبح صيداً سهلاً، ينافس أندية القاع؟!.
ويتداول بين جماهير النادي العريضة، عن نظرية المؤامرة والعبث بتاريخ النادي العريق، ولا أعتقد أن الأمر كذلك، ولكنه قد يكون سوء تخطيط وتنفيذ ومتابعة، يغطي مختلف جوانب إدارة فريق كروي كبير، بحجم الوصل، وفي الحقيقة، يجب ألا تركز الجماهير على ما يدور خلف الكواليس في النادي، بل ينصب جل اهتمامها بالنتائج والأداء الفني وغياب الهوية، وهو ما أصبح أبرز ما يميّز «وصل» الاحتراف، وافتقار النادي إلى تصعيد المواهب للفريق الأول، بالإضافة إلى استقطاب لاعبين، قد لا يكونون الأنسب لخدمة تاريخ الوصل، ومنذ متى أصبح الوصل يبحث عن لاعبين ليسوا أساسيين أو نجوم شباك في أنديتهم؟، فالوصل اليوم على وجه الخصوص، قد يفتقر للرؤية الثاقبة التي تبيّن بكل وضوح، الوجهة المستقبلية للنادي، وكل المؤشرات لا تدعو للتفاؤل، والحديث عن الميزانية، أصبح نغمة متكررة وغير واقعية، وإذا ما وقفت ودعمت رموز النادي لسنوات طويلة بمبالغ كبيرة، وكانت النتائج مخيبة للآمال، فمن الطبيعي أن يقلّ الدعم، لنادٍ يملك كل المقومات، ليصبح من أغنى أندية الإمارات.
الوصل يحتاج لمدير فني، يدير فريقاً محترفاً مؤهلاً ليدير دفة كرة القدم، وليس للجان عفا عليها الزمن، ولماذا تأخر النادي في بيع «ليما» و«كايو»؟، وتحصيل مبلغ مناسب، والبناء من جديد بلاعبين مهرّة، بعقود أقل، واستثمار باقي المبلغ في جلب لاعبين صغار، يتمتعون بمواصفات الكرة العصرية، فالنجومية لا تجعل الفريق يفوز بالبطولات، وإنما الاستمرارية، ووجود مخزون كافٍ من اللاعبين للمنافسة في أكثر من بطولة، فنادي الوصل نادٍ كبير، يجب ألا يشارك في المسابقات من أجل المشاركة فقط.
وإذا ما تحدثنا عن أسلوب اللعب، الذي اشتهر به النادي، وكان سبباً في جذب الجماهير له، والخروج عن ذلك الخط، أمر خطير، خاصة في ظل تمرّكز اللاعبين في أربعة أندية بالدولة، وهي وضعية نضع تحتها ألف خط أحمر، ولا تسهم البتة في تقدّم الكرة الإماراتية، وفي ما يخصّ الوصل، فهو ببساطة، يحتاج لإعادة البناء، ابتداء بتجديد دماء الإدارة، كأعضاء ومنهجية عمل، لعودة البطولات، وهيبة النادي كصرحٍ رياضيٍ كبير.