سأتحدث بلغة الأرقام لا بلغة العواطف، فالأكيد أن الكرة في قارة أفريقيا متطورة بمراحل كبيرة عنها في آسيا، بسبب العدد الهائل من المحترفين الذين يلعبون في أهم دوريات العالم، حتى توج أحدهم يوماً أفضل لاعب في العالم وأوروبا وهو الليبيري جورج وياه عام 1995، ونافس السنغالي ماني والمصري محمد صلاح على لقب أفضل لاعبي العالم، وتوج الجزائري رياض محرز أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي، ونال مواطنه رابح مادجر لقب دوري أبطال أوروبا، وتوج العشرات من الأفارقة بالألقاب الأوروبية مع أنديتهم.
وصحيح أن هناك حفنة من لاعبي اليابان وكوريا الجنوبية (وأستراليا) ممن يلعبون كمحترفين، ولكن التنافس الأفريقي مثلاً على بطاقات كأس العالم أشرس منه بكثير من نظيره في آسيا، لوجود منتخبات مرعبة مثل مصر وتونس والجزائر والمغرب ونيجيريا والكاميرون والسنغال وغانا وساحل العاج ومالي وجنوب أفريقيا، وغيرهم من المنتخبات التي لا تقارن قوتها بمنتخبات سريلانكا والفلبين والمالديف وكوريا الشمالية والهند وباكستان.
ولكن أداء ممثلي آسيا في مونديال قطر كان مبهراً قياساً على أداء ممثلي أفريقيا الذين لم يسجلوا سوى هدفين في أول جولة بدون أي انتصار، علماً أن منتخبات آسيا واجهت أبطال العالم، فالمنتخب السعودي هزم الأرجنتين التي حملت كأس العالم مرتين ووصلت للنهائي 5 مرات، والمنتخب الياباني هزم ألمانيا بطلة العالم 4 مرات، ولعبت إيران مع إنجلترا بطلة العالم مرة واحدة، وخسرت ولكنها فازت بعدها على ويلز، فيما لعبت كوريا الجنوبية مع الأوروغواي بطلة العالم مرتين وخرجت متعادلة، وشخصياً لا أعتبر استراليا من قارة آسيا ولكنها مدحوشة في أنفنا، ومع هذا لعبت مباراتها الافتتاحية مع فرنسا بطلة العالم وخسرت ثم فازت على تونس أحد ممثلي أفريقيا.
أي أن ممثلي آسيا الخمسة واجهوا جميعاً أبطال العالم وكانوا أنداداً لهم فيما لم يترك أي ممثل لأفريقيا بصمة تذكر باستثناء تعادل تونس والدنمارك والمغرب مع كرواتيا ثم الفوز المبهر والكبير للمغرب على بلجيكا والذي أعاد الهيبة إلى كرة أفريقيا.
ويبقى السؤال: ماذا لو زادت وتيرة الاحتراف الآسيوي أوروبياً فهل سننتقل من مجرد المشاركة إلى مستوى التنافس على اللقب العالمي؟ لِمَ لا؟