لا يزال كل المراقبين يتحدثون عن سر منتخب كوت ديفوار الذي أحرز بطولة أمم أفريقيا للمرة الثالثة في تاريخه، ووصفوا ما فعله بالمعجزة، وقالوا عنه المنتخب الذي أعاد زمن المعجزات، مندهشين كيف يحرز هذا المنتخب البطولة وهو عائد من الموت؟! ووصفه بعضهم بأنه منتخب بسبع أرواح، وتسألني .. أقول لك لديهم الحق، فقد ضرب هذا المنتخب عرض الحائط بكل ما يقال عن مقومات كرة القدم الحديثة والقديمة وبكل التوقعات الصحيح منها وغير الصحيح، ليس لأنه منتخب غير قوي أو لأنه منتخب مغمور، بل لأنه وبلا مقدمات وعلى الرغم من أنه صاحب الأرض والجمهور الذي لا يضاهيه جمهور آخر في العدد وفي الحماس الذي يشبه الجنون، سقط سقوطاً مروعاً في الدور الأول، ووصفوه بالفريق الذي مات بالسكتة القلبية من فرط سوء نتائجه، وقد كان بالفعل أسوأ فريق بين كل الفرق، وبدأ وصف ما حدث له بالمعجزة حينما تأهل فجأة وبلا مقدمات بهدية من منتخب المغرب وبهدف اعتباري كأسوأ نتيجة من بين الأربعة الصاعدين من منحة أفضل توالت، ثم تتوالى الغرائب ولا تتوقف من انتصارات مدهشة تأتي في الوقت الضائع أو في نهاية الوقت الإضافي وأحياناً بعشرة لاعبين وبمدرب وطني بديل أحرز البطولة في 13 يوماً فقط، وبهدف الفوز في المباراة الأخيرة أمام منتخب نيجيريا الذي ظهر في معظم مبارياته أنه فريق لا يقهر، وصاحب الهدف كان اللاعب نفسه الذي قهر مرض السرطان.
وإذا أردت أن تعرف المزيد من الغرائب فهي منشورة في كل المواقع، والكل يتحدث عن سر العائدين من الموت، أو الفريق ذي السبع أرواح!
وحقيقة الأمر أنه منتخب قد استشعر الخطر العظيم في البداية، وعرف قيمة الحظ الذي يحول الأسود إلى أبيض، وعرف قيمة واحتياج الجماهير إلى البطولة والسعادة والفرح فآمن بحظوظه وتمسك بها، واستلهم روح البطولة وعقيدة التحدي، والرغبة الصادقة في تغيير المشهد من الضد إلى الضد فكان له في النهاية ما أراد.
آخر الكلام
قالوا عن الجماهير والروح القتالية إنها عوامل مساعدة، ولكنها مع منتخب كوت ديفوار كانت الأساس، ولقد نجحوا في قلب الموازين، وحولوا الاستثناء بتصميمهم إلى قاعدة. ولك أن تتصور أن 225 ألفاً من الجماهير توجهوا إلي ملعب النهائي قبل انطلاقته بـ4 ساعات وأرادوا دخول الملعب الذي لا يتسع إلا لربع هذا العدد. نعم الجماهير ربما كانت الصانع الأول لفريق عاد من الموت وأعاد زمن المعجزات.