لم يكد رئيس الولايات المتحدة الأميركية ينتهي من تصريحه عبر التغريدات حول لقائه بالرئيس الكوري الشمالي حتى انطلقت الأصوات المشككة والمعرقلة.

قلت بالأمس إن اللقاء سيكون نصراً لترامب، وما لم أقله أن أطرافاً كثيرة ستعتبر نفسها مهزومة بهذه الخطوة غير المسبوقة، وهي أطراف متعددة المصالح والمشارب، قد لا تلتقي مع بعضها البعض في كل شيء، ولكنها هنا بالتحديد رأت خطراً محدقاً بها، فالأزمات التي تشهدها مناطق متفرقة من عالمنا هذا فيها منافع لجهات سياسية ومالية وصناعية، ولا تنسوا المافيات التي تتغذى على مصائب الآخرين، وليس شرطاً أن تكون قوى الشر هي التي تتحرك فقط، فالسيدة هيلاري كلينتون المرشحة السابقة للرئاسة الأميركية قوة ناعمة، ومع ذلك أصدرت حكماً قاسياً على إدارة ترامب فور إعلانه عن لقاء «كيم جونغ أون» في شهر مايو القادم، محذرة من عدم مقدرة تلك الإدارة على «تقدير خطورة» إجراء محادثات مع بيونغ يانغ، وساقت أسباباً هزيلة لتبرير رأيها، تجعل الجميع لا يلتفت إليها لاعتقادهم بأنها ما زالت تعيش خيبة الهزيمة منذ نوفمبر 2016.

ونعود إلى قوى الشر، وبعضها من أصحاب «ربطات العنق» وهؤلاء يفسدون أكبر صفقات العالم نزاهة، فالصراعات والتوترات تخلق مصدراً مهماً للمؤسسات المالية الكبرى التي تمول صفقات السلاح، وهي أكبر الصفقات حجماً، وقد تصل مع الإنفاق الحكومي المسجل في الميزانيات المعلنة إلى ربع الناتج العام لدول العالم، ومن بعدهم يأتي تجار السلاح، وهؤلاء عندما يذكرون توضع الأيدي على القلوب، فالإنسانية ليست ضمن قواميسهم، والضمير منزوع من نفوسهم، ولا يرون حياتهم وثراءهم إلا من خلال الموت.

إذا روضت كوريا الشمالية، وأوقفت برنامجها النووي والصاروخي، ستتوقف دول شرق آسيا والمحيط الهادي عن شراء منظومات دفاعية متطورة وجديدة، وإذا روضت إيران ستتوقف الدول المحيطة بها في الخليج والشرق الأوسط ووسط آسيا عن إبرام صفقات سلاح جديدة، وإذا قضي على التنظيمات الإرهابية في آسيا وأفريقيا لن يطلب السلاح، ولن تفتح الدول للقواعد الأوروبية والروسية والصينية والأميركية، ولن تحقق المؤسسات المالية المليارات، وستتكدس الأسلحة في مخازن الشركات التي تصنعها.

فهل تفشل مبادرة ترامب؟