الخميس كان يوماً حافلاً، بدأ باجتماع مجلس النواب اللبناني لاختيار رئيس الجمهورية، وفتح مقرات التصويت في الكويت لانتخاب أعضاء مجلس الأمة، وتبعها يوم الجمعة خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والذي أعلن خلاله بكل تواضع موافقته على طلبات أربعة أقاليم أوكرانية للانضمام إلى روسيا الاتحادية!
في المشهد الأول كان نواب لبنان ديمقراطيين إلى أبعد الحدود، يسمعون كلام رئيسهم، ويتمازحون معه، وكأنهم يعيشون في كوكب آخر، وليس في بلاد سقطت من تحت خط الفقر، ولا أمل يلوح في الأفق، بلاد تنازعتها المصالح الشخصية والانتماءات الحزبية، فكبرت كروش المنتفعين، وزادت ثرواتهم المهربة إلى الخارج، وعظمت مأساة شعب كان قدوة وكان عزيزاً كريماً.
تم إخراج الجلسة الصورية بإتقان، فهذه هي الديمقراطية، أن ترسم، وتجمع الناس، وتفتح قنوات البث المباشر، وأن تمارس كافة الطقوس التي يقال إنها دستورية، كل الخطوات كانت محسوبة ومعروفة مسبقاً، ومع ذلك وزعت الأوراق وأخرجت الأقلام، وكلف النواب أنفسهم بالذهاب إلى صندوق الاقتراع، الصندوق الشفاف الذي يعبر عن النزاهة والمصداقية!
ومع التميز في رسم علامات الجدية، بدأت عمليات فرز الأصوات، ورقة تلو ورقة تقلب وينظر إليها من الجهتين، ثم يعلن الاسم المكتوب بها، ولكن الأسماء كانت قليلة، والأغلبية ذهبت إلى «الورقة البيضاء»، فهي التي فازت، حصلت على 63 صوتاً، ولم تكن الورقة البيضاء بين الحضور، وأحس النواب بأنهم أدوا الواجب وأراحوا ضمائرهم، وبدأوا الرحيل، والرئيس ينادي بأخذ النصاب للجلسة الثانية، والنواب يخرجون من القاعة، وأولهم نواب كتلة الرئيس الذي التزم حتى النهاية بما ورد في «سيناريو» هذه الجلسة!
مرة أخرى الديمقراطية تدخل لبنان في متاهة الانحدار، وتأخذه خلف «حملة السلاح» وتجار الفوضى وغيرها!
وفي الغد نلتقي مع المشهد الثاني من الديمقراطية.