ألوف مؤلفة من السيّاح العرب اختاروا تركيا ليقضوا فيها إجازة الصيف، يرون فيها الكثير من العوامل المشتركة، ويفضّلونها على أوروبا التي لا تزيد عنها جمالاً، وليس بيننا من لا يعرف عدداً من العائلات التي اصطافت هناك، ولم نسمع عن مضايقات أو تعامل عدائي، بل على العكس، كان الكل يمدح الشعب التركي لمودّته وحبّه لإخوته في الدين، ومع ذلك شاهدنا مقاطع صُوِّرت بعناية وحرفية تنتشر في مواقع التواصل، عن مشاجرات في الشوارع والمطاعم، ترافقها حملات منظمة من حسابات وهمية تدعو إلى مقاطعة تركيا، ويندفع الجهلة العشوائيون خلفهم، يعيدون إرسال تلك المقاطع، ويكتبون ما يحلو لهم من الكلام، دون تفكّر أو تأكّد.
فإذا استرجعنا عشر سنوات مضت، وتذكّرنا اختلاف تركيا مع عدد من الدول العربية، وخاصة الخليجية ومعها مصر، وأقصد هنا ما بعد فوضى ما سُمِّي بالربيع العربي، وانحياز تركيا إلى صف الإخوان ومن يساندهم، وتحوّل تلك البلاد إلى ملاذ آمن للذين هربوا من بلادهم بعد ارتكابهم جرائم إرهابية، ومنحهم كل وسائل الانتشار الإعلامي لإدارة الحملات الدعائية التخريبية في دولهم، أقول لكم، في تلك الفترة لم يتحدّث أحد عن تركيا بكلمة نابية، ولم يحدث أن ذمّت وسيلة إعلام عربية معاملة الأتراك للعرب.
فما الذي تغيّر الآن؟
شيء واحد فقط، هو وضع الإخوان في تركيا، بعد عودة العلاقات الأخوية إلى طبيعتها بين تركيا والدول العربية، فقد توقّفت الإقامات الدائمة، وسُحبت الجنسيات الممنوحة، ومُنحت قيادات التنظيم الإرهابي مهلة لمغادرة الأراضي التركية، وسُحبت تراخيص القنوات التلفزيونية وشبكات التواصل، وأُبْعِدَت كل الشخصيات المتسببة في تعكير صفو العلاقات مع الدول العربية، ذلك الذي تغيّر، وذلك هو الذي يقف خلف الحملات التي تدار في الخفاء لتضرب السياحة التركية التي تعتبر من أهم مصادر الدخل، فالأسلوب الذي نراه إخواني الطابع والأداء، ومن يروّجون الحملة أعوانهم من الخلايا النائمة في بعض البلاد، والخلايا المطلقة في بلاد أخرى!
الإخوان لا صديق لهم، ولا يردّون الجميل بمثله، بل بعكسه، وبصمتُهم على تضخيم المشاكل الشخصية واضحة، ورغبتهم في الانتقام لا تحتاج إلى تفكير!