الترتيبات التي يتحدثون عنها لغزة ليست إلا مهدئات مؤقتة، قد تنفعهم لأشهر أو بضع سنوات، وبعدها ستفور الأرض من تحت أرجلهم، فالمشهد يتكرر، والوصفات المسكنة تتكرر، والاحتلال لا يتوقف عن استبداده وبطشه وبناء المستوطنات بعد سرقة الأراضي من أصحابها.

لا أمن ولا استقرار ولا سلام مع الاستقواء، هكذا تقول مجريات الأحداث منذ 67 وحتى الآن، 56 عاماً مرت على احتلال الضفة وغزة، ولم يجد الغزاة من يقول لهم إنهم يغوصون في الوحل، ولا يصلون إلى بر الأمان، رغم الفرص التي سنحت لهم، فتلاعبوا عليها بدلاً من استغلالها، وها هم يرون نتيجة ذلك، حرب ودم وخراب، ومعاناة بعد معاناة، والسبب تلك الحجج الواهية التي يتحججون بها مع كل أزمة.

لا تريد إسرائيل أن تعترف بأنها تواجه شعب فلسطين، لهذا تركز اليوم على حماس، وحماس هذه لم تدخل إلى غزة إلا بإذن الإسرائيليين، ولم تسيطر على القطاع إلا بعد موافقة إسرائيل وحكوماتها المتلاحقة، ولم تطل عمرها غير المخصصات الشهرية التي تصلها من «معابر» إسرائيل، 30 مليون دولار تتبع 30 أخرى كل شهر، وهذا يعني أن قادة إسرائيل لا يحاربون عدواً، بل هو صديق، أما الآلاف الذين قتلوا وجرحوا والمليون الذين شردوا فهؤلاء هم بيت القصيد.

فلسطين هذه مرت بأشكال وألوان من الأشخاص، بينهم المخلص، وبينهم المتاجر بالقضية، وبينهم المبتز طالب الإتاوات، وهؤلاء كلهم كانوا يستغلون الشرفاء من الناس، من حرموا من الحياة الكريمة، ومن الهوية، وما هذه الحركة المسماة حماس إلا آخر المطاف، هي آخر التنظيمات السياسية الملتحفة بأغطية حزبية أو دينية، فقد مر على هذا الشعب الذي يخرج بعد كل ضربة وهو أكثر قوة وصلابة أصناف وأصناف، فزالوا جميعاً وبقي الفلسطيني يؤشر بأصبعه نحو الأقصى، سواء أكان حياً أم ميتاً، لم تؤثر على انتمائه الوطني شعارات الحركات الشيوعية والاشتراكية والقومية والبعثية والإخوانية، بقي نقياً لنقاء قضيته.

مرة أخرى نقول لمن يريد حلاً إن الحل سهل وبسيط، وصفته مكتوبة منذ 1948، وهي أن فلسطين لن تمسح من الخريطة.