هو فعلاً لا يهمّه شيء، حتى لو هدم كل المعابد وليس معبداً واحداً، على رأسه أو على رأس المنطقة كلها.
بنيامين نتنياهو ذاهب إلى طريق لا رجعة فيه، نهايته دمار شامل، حرب تمتد نيرانها لتطال الآخرين، وقطيعة تعيد الجميع إلى نقطة الصفر التي كانت قائمة قبل أربعة عقود، وفوضى عارمة لها ضحايا، وأولهم سيكون أولئك المتزمّتون الذين يظهرون علينا اليوم بزيّهم العسكري والصدرية المضادّة للرصاص، ويحاولون أن يفرضوا أمراً واقعاً هم اختاروا مساره، ومعهم مجموعة هائجة متعطّشة للدم، باحثة عن تمدّد لفكر خارج عن القانون.
فكر «نيروني»، قائم على تلك المقولة التي لا توصل أصحابها لمكان غير الجحيم، «أنا ومن بعدي الطوفان»، وقد أعطاهم الحجة مجموعة من العملاء، الذين تركوا الأرض تحترق وتجمّعوا حيث حساباتهم البنكية، وسهولة الفرار إلى الأتباع والمأوى الآمن، ونتنياهو مندفع بقوة، منح الفرصة التي كان ينتظرها ليخرج من المأزق الذي وضعته فيه تصرفاته، أبواب المحاكم مشرعة لاستضافته فور فقدانه للحصانة، والتهم الموجهة إليه شبه مؤكدة، فهو عاجز عن نكرانها، وأدلة المحققين تكفي لوضعه في السجن.
ولن يذهب نتنياهو إلى السجن، لن يترك الساحة للمنافسين، وأصحابه الذين يتحيّنون الفرصة للقفز على عرشه المهزوز، وفي لحظة الجدّ سيأخذ معه أكبر قدر من الناس، سواء جاء الطوفان أو هدم المعبد على رؤوسهم، ومن هذا الإصرار على الاستمرار في السلطة نراه يصعّد الأمور ويصعّبها حتى يصل إلى حافة الهاوية، وهو اليوم يسير في هذا الاتجاه، برفضه كل المناشدات والتحذيرات من اقتحام «رفح» الفلسطينية، وهي البقعة الأخيرة من قطاع غزة، فيها يتجمّع كل الذين طردهم الجيش الإسرائيلي من بيوتهم، أكثر من مليون لاجئ معرّضون للإبادة، وعلى مشارف مصر، وكأنه يريد أن يقحم مصر في حربه القائمة على المغامرة للإفلات من خطاياه، ولكن مثل هذه الخطوة، وهذا الغرور المصحوب بالتعنّت، ستكون هي الخطيئة الكبرى، فهذه مصر.