سيعقد اجتماع يضم الوسطاء لإنهاء الحرب في غزة اليوم، لا أعرف أين، ولا أريد أن أسأل، فالمكان لن يغير النتيجة، فهي محسومة، من نتانياهو، ومن السنوار، فهما في غاية السعادة و«الانبساط» بلعبة «القط والفأر»، التي يلعبانها منذ عشرة أشهر، صور الدماء والجثث والبيوت المهدومة تروي عطشهم.
حاولت أن أعد المرات التي اجتمع فيها الوسطاء، ولم أفلح، ولكنني أذكر أنهم التقوا في الدوحة، وفي القاهرة، وفي روما، وربما في جنيف، وفي كل مرة كانوا يقولون إن هناك تقدماً في المفاوضات، وقد اخترقنا «اللاءات» التي كان يتمسك بها كل طرف، وأنهم بصدد وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق بوقف إطلاق النار، وفجأة يغير نتانياهو رأيه بعد تهديد «بن غفير» بالانسحاب من الحكومة، وتطرح شروط جديدة، ترفضها حماس، وتعود الأوضاع إلى مسار المجازر المجدولة.
حتى تدخل رئيس الولايات المتحدة، وطرح حلاً قال إن حكومة إسرائيل وافقت عليه، وصفق نتانياهو كثيراً للرئيس بايدن، وشكره على مبادرته وأثنى عليه، واستأذنه في تصحيح بعض العبارات وتمرير صفقات الأسلحة الموقوفة، ولم يرد له طلباً، واجتمعت الوفود مرة أخرى لوضع اللمسات الأخيرة.
وما بين مقترح وآخر، يشعل «سموتريتش» مع حامل لواء الكراهية «بن غفير» ناراً في بقعة جديدة، حتى وصلوا مع المتطرفين إلى المسجد الأقصى، ونتانياهو يصطاد قيادات في بقاع مختلفة، ويضيف إلى سجل جرائم الإبادة التي ارتكبها منذ الثامن من أكتوبر الماضي مجازر جديدة، ويمنحه كبير الوسطاء الذي نسي مبادرته مكافأة قدرها 20 مليار دولار من الأسلحة.
لقاء اليوم سيلحق باللقاءات الفاشلة، نتيجته صفر يضاف إلى الأصفار السابقة، فالوساطة تحتاج إلى نية صافية، وليس لألاعيب الخبثاء، وتحتاج إلى وسيط نزيه ومحايد، وليس إلى منحاز مراوغ، وسيستمر القط المغرور بسلاحه في بحثه عن الفأر المختبئ في الجحور، وسيدفع الأبرياء من أهل غزة الثمن.