انطلق وزير المالية الإسرائيلي المتطرف، سموتريتش، محلقاً في الأفق البعيد، وهو اليوم يستند إلى اكتمال الدائرة الاستيطانية في المناصب الحساسة، فقد انضم «كاتس» الليكودي إلى «بن غفير» ومعه «ساعر»، الوزير الجديد للخارجية، وتحدث بكل غرور وفخر بأن إسرائيل هي الأقوى في المنطقة.
وأنها يجب أن تحصل على ما تريد، وأول شيء تريده هو فرض السيادة على الضفة الغربية، أي ابتلاع فلسطين من البحر إلى النهر، بعد غزة وخطة التفتيت والتقسيم، ومع الوجود العسكري الدائم تكون الضفة هي المعقل الأخير، ومن بعدها، كما قال سموتريتش يبدأ مشروع الشرق الأوسط الجديد.
لا يختلف اثنان على أن إسرائيل هي الأقوى في المنطقة، إذا كان القياس قائماً على نوع الأسلحة والإمكانات التقنية الحديثة، والمدى الذي يمكن أن تصل إليه أذرعها الاستخباراتية، وعملياتها النوعية وغير المسبوقة في الاغتيالات والتصفية خارج الحدود، ومن يقُل غير ذلك ينكر الواقع الذي نراه منذ سنة وشهر، ولكن النتائج لا تبنى على القتل والقهر والانفلات العنصري.
فهذه الأفعال قد تضعف خصماً، وقد تنهي وجود خصم آخر، وقد تخضع خصماً ثالثاً، ولكنها لا تحقق سلاماً، ولا توصل غازياً محتلاً إلى مرحلة استقرار وعيش هادئ، في بيته وليس في دولته التوسعية، التي تثبت كل يوم أنها لا تفي بوعودها، ولا تلتزم بتطبيق عهودها، وأنها ما زالت - وبعد أكثر من مائة عام - تحاول أن تنفذ مخططاً يفرض أوهام وأحلام محفل من محافل الظلام.
وبعد أن صدّق وزير الدفاع الإسرائيلي، كاتس، على كلام سموتريتش، أضاف المسمار الأخير إلى كل ما كان يتردد حول السلام القائم على العدل، وإعادة الحقوق إلى الشعب الفلسطيني، وإقامة دولة فلسطين ذات السيادة، وصرح بأن «إنشاء دولة فلسطينية ليس أمراً واقعياً».
وهذا الكلام يمثل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، ويلغي شيئاً اسمه شرق أوسط، سواء كان جديداً أو قديماً، فالشرق الأوسط يعني اندماج إسرائيل مع جيرانها بعد التزامها بتعهداتها والاتفاقيات التي وقعتها، والإخلال يعني بقاء الحاجز الفاصل بين أصحاب الحق ومن يصرون على سرقة ما ليس لهم.
الشرق الأوسط بأزماته وحروبه بدأ من مأساة فلسطين، ولن يعرف الاستقرار والسلام إلا بعودة الحقوق لفلسطين وأهلها، برضا المتطرفين أو دون رضاهم.
فلسطين هي الحرب وهي السلام.