في رده على قرار بايدن بالسماح له باستخدام الصواريخ بعيدة المدى في ضرب العمق الروسي، قال الرئيس الأوكراني زيلينسكي، وهو في قمة الفرح «سنترك الصواريخ تتحدث عن نفسها»، ولم يزد بكلمات أخرى، سواء ما سيفعله في الفترة القادمة، أو ما يمكن أن تفعله روسيا إذا وصلت تلك الصواريخ إلى باب بيت بوتين!

هذه حرب، وليست لعبة قمار على طاولة «روليت»، وتلك صواريخ مدمرة، لن تكسر كبرياء الرئيس الروسي، بل ستصيب قلب امبراطورية عظمى، هي الثانية من حيث القوة والتجهيز وما تملكه من سلاح، والقرار بيدها، على عكس أوكرانيا، التي تنتظر واشنطن وبرلين وباريس وحلف الناتو، متى يتكرمون عليها، وفي أوكرانيا شعب قدم مجاناً ليكون ضحية لأطماع وأحقاد ومكاسب اقتصادية لاحقة، وفي الحرب تدمر دول ويموت الأبرياء.

اختارت أمريكا وأوروبا التضحية بأوكرانيا، أرضاً وشعباً، والرئيس صدق الوعود واندفع خلفها، ولم يتوقف لحظة مع نفسه، ليسألها عن النهاية، فهذا النفق المظلم يزداد ظلامه يوماً بعد يوم، وبلاده تخسر كل يوم ما ستحتاج إلى سنوات لتعويضه، بخلاف الأرواح التي تزهق هدراً، البنى التحتية تضرب، والأرض تتقلص، منذ أن اقتنع زيلينسكي بأنه يمكن أن يكون شوكة في حلق بوتين.

يوم أمس، رد بوتين على قرار بايدن، وأصدر مرسوم الأسس المحدثة للعقيدة النووية الروسية، والذي يدخل حيز التنفيذ، اعتباراً من يوم التوقيع عليه، أي 19 نوفمبر 2024، ومن يقرأ التفاصيل، يرَ انتقالاً خطيراً لهذه الحرب يلوح في الأفق، ويسمع ضربات متتالية لنواقيس الخطر، فالحديث هنا ليس حول صاروخ بعيد المدى، مثل الذي سيتحدث عن نفسه.

كما قال زيلينسكي، بل عن الردع النووي، كما جاء في المرسوم الروسي، فإذا نفذت نوايا الرئيس الأمريكي المنتهية صلاحيته، وتبعتها انفعالات بوتين، وأُطلق صاروخ نووي واحد، واحد لا غير، ستخرج الأمور عن السيطرة، وستتسع دائرة الصراع، وستدمر دول، وتشرد شعوب، وتشتعل حرب عالمية، هم يرونها، ولكنهم، وللأسف الشديد، يكذبون أعينهم وعقولهم، وكأنهم يصرون على الاتجاه نحو الهاوية.