يعكس النفور من التوسع المالي إيديولوجية جديدة، وليس اعتبارات براجماتية واقعية. والواقع أن قِلة من خبراء الاقتصاد المؤهلين هم من فشلوا في التوصل إلى استنتاج مفاده أن الدول مثل الولايات المتحدة وألمانيا والمملكة المتحدة لديها مضاعفات مالية كبيرة بالقدر الكافي، وتأثيرات غير مباشرة وقوية بما فيه الكفاية تخلفها البنية الأساسية، فضلاً عن الاستثمار وغير ذلك من البرامج المعزِزة للطلب، والحيز المالي الكافي لجعل السياسات الأكثر توسعا مثالية.
يُبدي أنصار التقشف في ألمانيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة تشككهم في البنوك المركزية لنفس الأسباب الإيديولوجية التي تجعلهم كارهين للتشريعات التي تسمح بالإنفاق بالعجز. بيد أن اعتراضاتهم على البنوك المركزية أضعف كثيرا.
ذلك أن كل المحاولات لإقامة نظام نقدي تلقائي، كما أشار ديفيد غلانسر الخبير الاقتصادي لدى المفوضية التجارية الفيدرالية، انهارت واحترقت تماما ــ سواء كانت مستندة إلى معيار الذهب، أو قاعدة ميلتون فريدمان في السيطرة على المعروض من المال التي أوصى بها الخبير الاقتصادي جون تايلور من جامعة ستانفورد.
كانت تصرفات البنوك المركزية دائما عبارة عن «سياسة مالية» بالمعنى الحقيقي، وذلك ببساطة لأن تدخلاتها تغير القيمة الحالية لأقساط الديون الحكومية وأصولها في المستقبل.
ولكن من المؤكد أن البنوك المركزية قادرة على القيام بالمزيد، عندما يتعلق الأمر بتعزيز التعافي الاقتصادي. وهي تتمتع بصلاحيات تنظيمية هائلة لإلزام البنوك الخاضعة لإشرافها بالاحتفاظ برأس المال، وتقديم القروض لفئات من المقترضين واجهت التمييز تاريخياً، وخدمة المجتمعات التي تشكل جزءاً لا يتجزأ منها. وهي تتمتع بمحامين بارعين.وكما هي الحال مع الحكومات المنهمكة في التحفيز المالي، فإن المفتاح إلى تحقيق النتائج الإيجابية يتلخص في استبعاد أي قدر من الخوف من تحول التزامات السداد إلى عبء مُرهِق بأي شكل من الأشكال.
*أستاذ الاقتصاد في جامعة كاليفورنيا في بيركلي