عادة لا يميل الشعب الهندي إلى الخوض في الماضي الاستعماري للبلاد. سواء بسبب القوة الوطنية أو الضعف الحضاري، رفضت الهند منذ فترة طويلة حمل أي ضغينة ضد بريطانيا رغم 200 سنة من الوجود الإمبريالي، لكن موقف الهند الهادئ من الماضي لا يُنسِي ما تم القيام به.

سأل ونستون تشرشل رئيس الوزراء جواهرلال نهرو، الذي كان قد قضى ما يقرب من عشر سنوات من حياته في السجون البريطانية، عن سبب الغياب الواضح للضغينة عنده. وقال نهرو إن «رجلاً عظيماً» المهاتما غاندي، قد دعا الهنود أن يتحلوا بالصبر «لا الخوف ولا الكراهية»، ولكن على الرغم من المظاهر، فإن رواسب الاستعمار لم تتلاشَ بشكل كلي. هذا أول ما تعلمته في صيف عام 2015 لما ألقيت خطابا كان له رد فعل قوي في جميع أنحاء الهند.

ففي العقد أو العقدين الماضيين، كتبت قصصاً شعبية من قبل أمثال نيال فيرغسون ولورانس جيمس بعبارات متوهجة وممجدة للإمبراطورية البريطانية.

ولا يمكن فهم الوقت الحاضر، من حيث المقارنات التاريخية البسيطة، بتجاهل دروس التاريخ. إذا كنت لا تعرف من أين أتيت، كيف ستعرف إلى أين أنت ذاهب؟ وهذا لا ينطبق فقط على البريطانيين، ولكن أيضاً على زملائي الهنود، الذين أظهروا قدرة غير عادية ليسامحوا وينسوا.

اليوم، العلاقة الحديثة بين بريطانيا والهند - وهما بلدان سياديان ومتساويان - مختلفة جدا بشكل واضح عن العلاقة الاستعمارية في الماضي. وبينما ضربت مبيعات كتابي الرقم القياسي في مكتبات دلهي، تستعد رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي لزيارة الهند للحصول على استثمارات. وكما ذكرتُ في كثير من الأحيان، لا نحتاج إلى السعي للانتقام لأجل التاريخ. التاريخ ينتقم بذاته.

* يعمل حالياً رئيس اللجنة البرلمانية الدائمة للشؤون الخارجية