إن إيطاليا كمهد الامبراطورية الرومانية والنهضة كانت تعتبر منذ فترة طويلة، في طليعة التطورات الثقافية في أوروبا وأوراسيا الغربية. ولكنها كانت تعتبر، ولفترة طويلة مثالاً على الانحدار السياسي. إن كتاب ادوارد جيبون الكلاسيكي تاريخ انحدار وسقوط الامبراطورية الرومانية كان يهدف في واقع الأمر إلى تحذير معاصري الكاتب الذين كانوا يريدون بناء الامبراطوريات.
إيطاليا أصبحت قصة تحذيرية مجدداً. فمنذ الانتخابات العامة في مارس الماضي، أذهل المشهد السياسي للبلاد المراقبين في العالم وأرعبهم، فتشكيل حكومة شعبوية من اليسار واليمين جعل العديد يتساءلون عما إذا كان هذا الائتلاف ضربة حظ أو عارضاً للإفلاس السياسي والفكري للعولمة الليبرالية الجديدة.
إن الثورة السياسية الإيطالية لم تأت بمحض الصدفة ولكن بسبب التطورات الاجتماعية المحددة والتي يطلق عليه الإيطاليون «سنوات الرصاص» في السبعينيات. إن تلك الفترة وأبعادها على الحاضر هي مواضيع رواية إدواردو ألبيناتي الطويلة والمتعرجة، والتي حققت نجاحاً مذهلاً «المدرسة الكاثوليكية»، والتي ستنشر باللغة الانجليزية في هذا العام.
لقد كان من المستحيل إنقاذ الامبراطورية الرومانية بعد سقوطها ولقد استغرق الأمر حوالي ألف عام قبل أن تتمكن شبه الجزيرة الإيطالية من إعادة اكتشاف تراثها الكلاسيكي. إن رسالة البيناتي والتي تستحق أن يتم النظر فيها جدياً هي انه من اجل أن يكون لدينا نهضة جديدة اليوم في إيطاليا، فإن الأمر سيتطلب إزالة الغموض عن التعلق القاتل بالحرية وتعزيز معايير المسؤولية المشتركة في السياسة والاقتصاد والحياة الاجتماعية.
* أستاذ التاريخ والشؤون الدولية في جامعة برينستون، وزميل أول في مركز ابتكار الحوكمة العالمي.