ليس من شك في أن مهمة سد الفجوة الرقمية، أصبحت واجبة ولازمة بوصفها أولوية عالمية. وهذا يعني توسيع نطاق الوصول إلى التقنيات الرقمية، بما في ذلك الهواتف المحمولة وإنترنت النطاق العريض، وضمان حصول الناس على المعرفة اللازمة لاستخدامها. وللمنظمات القاعدية دور أساسي لتضطلع به هنا أيضًا. ولكن في غضون ذلك، يجب سد الفجوة الرقمية لتمكين الفئات الأضعف من الوصول إلى الدعم الحكومي الحاسم. على الرغم من الآثار المدمرة لأزمة كوفيد-19، إلا أن لها جانبًا إيجابيًا: إذ سلطت الضوء على ثغرات مهمة- بما في ذلك افتقار ملياري عامل غير رسمي في العالم إلى الحماية الاجتماعية. وسيتطلب التصدي لهذا الفشل أكثر من البرامج الاجتماعية، بل سيستلزم أيضا سد الحكومات للفجوة الرقمية.
خلال الوباء، اعتُمِدت البرامج الاجتماعية التي تدعم «الوسط المفقود»- العمال غير الرسميين المستبعدين من الضمان الاجتماعي المرتبط بالتوظيف الذين غالبًا ما يكونون غير مؤهلين للاستفادة من البرامج الاجتماعية التي تستهدف الفقراء- على التقنيات الرقمية إلى حد كبير. وتمت عمليات التسجيل على الهواتف الذكية. وتحققت الحكومات من المستفيدين باستخدام أنظمة تحديد الهوية الرقمية. وأرسلت المدفوعات إلى المحافظ الإلكترونية.
وأدى هذا الاستخدام المرحب به للتكنولوجيا الرقمية إلى تبسيط الإجراءات، ومكّن العمال من تجنب التواصل مع الموظفين وجهًا لوجه عند التقدم للحصول على المزايا أو الذهاب لجنيها. ولكن هذا النهج ينطوي أيضًا على خطر واضح وهو إقصاء الأشخاص المتخلفين عن ركب التقدم الرقمي.
خلص تقرير صدر عام 2019 عن المقرِر الخاص للأمم المتحدة المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان آنذاك، فيليب ألستون، أن رقمنة الرعاية الاجتماعية غالبًا ما تؤدي إلى «تخفيضات كبيرة في ميزانية الرفاهية الإجمالية، وتضييق نطاق الفئات المستفيدة، [و] إلغاء بعض الخدمات». والواقع أن ألستون حذر من أن أنظمة الرفاهية الرقمية غالبًا ما «تعاقب الطبقات الفقيرة». فعلى سبيل المثال، تستخدم عملية مطابقة البيانات غير المقيدة لفضح «أدنى المخالفات» في سجلات المستفيدين من الرعاية الاجتماعية ومعاقبة مرتكبيها، مما يؤدي أحيانًا إلى رفض الخدمات الجوهرية.
ولا يمكن استخدام الحلول التكنولوجية لخفض الميزانيات وتحويل المسؤولية من الدولة إلى المنظمات الشعبية التي تخدم الفقراء. ويجب على الحكومات التي تطبق التقنيات الرقمية على برامج الرعاية الاجتماعية أن تضمن أيضًا المساواة في الأنظمة والمؤسسات التي يتم تضمين هذه البرامج فيها.
أولاً، بينما تستثمر الحكومات في التحول الرقمي، يجب عليها أيضًا دعم عمل منظمات القاعدة الشعبية التي تقدم خدمات الميل الأخير الأساسية لربط الناس باستحقاقاتهم. وفي الوقت الحالي، تكاد لا توجد أي منظمة شعبية في جنوب الكرة الأرضية قادرة على جمع الموارد المالية اللازمة لمواصلة عملها.
وفضلاً عن ذلك، يجب على الحكومات إنشاء آليات للتشاور الهادف مع هذه المنظمات، من أجل تصميم البرامج التي تلبي احتياجات الفئات المستهدفة، ورصد التقدم وتقييمه، وإجراء التغييرات اللازمة. وسيحتاج العاملون البيروقراطيون في الصفوف الأمامية، مثل الأخصائيين الاجتماعيين وموظفي التسجيل، إلى المزيد من الدعم، بما في ذلك توسيع صفوفهم في بعض الحالات.
* مديرة برنامج الحماية الاجتماعية في منظمة «المرأة في العمل غير الرسمي: العولمة والتنظيم»