هذا الشهر، قررت هيئة ضمان المنافسة والسوق، وهي الهيئة المسؤولة عن مكافحة الاحتكار في إيطاليا، فرض غرامة قدرها 1.13 مليار يورو (1.28 مليار دولار أمريكي) على شركة أمازون لإساءة استغلال هيمنتها على السوق وإجبار أطراف ثالثة من البائعين على استخدام خدماتها اللوجستية الداخلية.

الحق أن العقوبة كبيرة بشكل ملحوظ، حتى بالنسبة لشركة ضخمة مثل أمازون، التي حققت عائدات عالمية بلغت 386 مليار دولار في عام 2020، لكن صافي دخلها كان 21.3 مليار دولار.إن أمازون شركة تجزئة ومنصة في ذات الوقت، لأنها توفر سوقاً، حيث يستطيع المستهلكون مقارنة الخيارات وشراء أي منتج يفضلونه، وحيث تتمكن الشركات الصغيرة من الوصول إلى عدد من المستهلكين أكبر من أي وقت مضى.

لقد غرّمت هيئة ضمان المنافسة والسوق شركة أمازون باعتبارها سوقاً، على أساس أنها تلزم البائعين الذين يريدون الاستفادة من خدماتها الأصلية (Prime) التسجيل أيضاً في خدماتها اللوجستية (Fulfillment by Amazon). وسوف يدفع العديد من التجار لشركة أمازون لضمان إدراج منتجاتهم في هذه الفئة، والتي تشمل عرض منتجاتهم في المناسبات الترويجية مثل Black Friday، وCyber Monday، وPrime Day.

ليس من المستغرب أن تربط أمازون بين هاتين الخدمتين. وللوفاء بوعدها للمشتركين في خدماتها الأصلية، يتعين عليها أن تضمن التسليم في الوقت المناسب، وأفضل طريقة للقيام بذلك هي التحكم المباشر في الخدمات اللوجستية. هذا النهج ليس فريداً في الاقتصاد الرقمي أو شركات التكنولوجيا الكبرى. تتعامل شركة أمازون مع قضية أساسية تتعلق بالتوزيع التجاري.

قد تَـعِـدك شركة ما بالتسليم السريع بقدر ما تعتقد أنها قادرة على الوفاء بوعدها، وإلا فإن نموذج أعمالها يصبح تحت رحمة متغيرات خارجة عن إرادتها، مثل مدى جدارة البائعين بالثقة أو كفاءة الخدمة البريدية.

العجيب في الأمر أن هيئة ضمان المنافسة والسوق غرّمت شركة أمازون على وجه التحديد، لأنها تفهم هذه المشكلة.

يشغل استعراض كيفية عمل شركة أمازون قسماً كبيراً من الحكم الذي يتألف من 250 صفحة. يأخذ الحكم على شركة أمازون باعتبارها بائع تجزئة أنها تعرض «حل المتجر الواحد للتخزين، والشحن، وخدمة العملاء» ضمن «نظام بيئي مغلق ومتكامل». مع ذلك، يبدو أن المشترين والبائعين على حد سواء يقدرون الراحة التي يوفرها نظام أمازون.

خلقت أسواق أمازون فرصاً جديدة للبائعين المتخصصين من خلال تمكينهم من الوصول إلى العملاء في مختلف أنحاء العالم. في مقابلات مع الهيئات التنظيمية المسؤولة عن مكافحة الاحتكار في إيطاليا، أكدت أطراف ثالثة من بائعي التجزئة أن إدراجهم في قائمة الخدمات الأصلية يساعد منتجاتهم. كما يجد حكم هيئة ضمان المنافسة والسوق أن المشتركين في الخدمة الأصلية في إيطاليا يميلون إلى إنفاق ما لا يقل عن ضعف ما ينفقه آخرون من غير المشتركين على المنصة.

سوف يلقى الحكم الترحيب باعتباره أحد الخيارات الممكنة في التعامل مع شركات التكنولوجيا الضخمة، وقد يفتح هذا الحكم الباب أمام إجراءات مماثلة لمكافحة الاحتكار في أماكن أخرى. لكن منظور المستهلك لا يوضع في الاعتبار إلا بقدر ما «ينعكس في تفضيلات تجار التجزئة».

تُـرى أين يترك هذا مبدأ رفاهة المستهلك؟ هل تعطي الغرامة الناس مزيداً من الاختيارات والأسعار الأقل؟ تظل هذه الأسئلة بلا إجابة، لأنها لم تُـطرح قَـط. لقد دفعت هيئة ضمان المنافسة والسوق مجاملة باهظة بدرجة محرجة لذراع أمازون اللوجستية. في عصر مكافحة الاحتكار الجديد يبدو أن المستهلك لا يشكل أي عامل في المعادلة.