في العشرين من ديسمبر الجاري قرر بنك اليابان رفع سقف عائدات السندات الحكومية لأجل عشر سنوات من 0.25% إلى 0.5%.
وفي غضون دقائق من الإعلان عن هذا القرار ارتفع سعر الين مقابل الدولار الأمريكي بنسبة 3%، وانخفض مؤشر نيكاي 225 بنسبة 2.5%، وارتفع سعر السندات لمدة عشر سنوات بنحو 25 نقطة أساس، ليقترب من السقف الجديد.
يرجع رد الفعل الحاد هذا بشكل كبير إلى حقيقة مفادها أن القرار كان مفاجئاً بالنسبة للمستثمرين.
كان بنك اليابان يشتري على نحو متزايد مبالغ ضخمة من سندات العشر سنوات عند مستوى 0.25%، وغالباً ما كان يضيفها إلى ميزانيته العمومية بعد يوم واحد من إصدار وزارة المالية لها.
واليوم يمكن للمرء أن يستنتج أن بنك اليابان كان منزعجاً عندما وجد نفسه يشتري السندات بمعدل متسارع، حيث انخفض منحنى العائد مؤخراً عند علامة السنوات العشر، مما يعني أن سعر الفائدة على السندات لمدة عشر سنوات كان أقل من أسعار الفائدة على سندات التسع سنوات و15 سنة.
منذ تعيين كورودا في عام 2013 تجاوز معدل التضخم الياباني في الغالب مستوى الصفر، ولكنه لا يزال أقل بكثير من 2%، مما دفع بعض النقاد إلى القول إن إطار استهداف التضخم في بنك اليابان كان فاشلاً، لكن آخرين - بمن فيهم أنا - دافعوا عن هذا الإطار. ومن منظور نظام مرن لاستهداف التضخم، كما زعمنا، كان بنك اليابان يوازن بين انخفاض التضخم دون المستوى المستهدف مع نمو الناتج المحلي الإجمالي القوي لليابان (أو معدل البطالة) في تقييمه.
ومع ذلك كانت هناك نقطة واضحة، والتي تتمثل في فشل بنك اليابان في تثبيت توقعات التضخم عند 2%، والتي كان من المفترض أن تكون إحدى الفوائد العظيمة لإطار عمل استهداف التضخم. والآن، ارتفع معدل التضخم (باستثناء الأغذية الطازجة) بشكل حاد.
ومع ذلك نظراً لأن معدلات التضخم في اليابان كانت أقل بكثير من مثيلها في الولايات المتحدة (7.11%) والمملكة المتحدة (10.7%) ومنطقة اليورو (10.1%)، كان بنك اليابان يرفض باستمرار رفع أسعار الفائدة - حتى العشرين من ديسمبر، وفي الآونة الأخيرة، قبل شهر أكتوبر الماضي توقع أعضاء مجلس السياسات أن يتراجع التضخم مرة أخرى إلى 1.6% في عام 2023.
ولكن هناك الآن ما يدعو إلى الشك في أن هذه التوقعات ستكون خاطئة. أولاً: تظهر البيانات الصادرة للتو عن شهر نوفمبر أن معدل التضخم، باستثناء أسعار الطاقة والغذاء، يبلغ 2.8%، وبالتالي، حتى إذا توقفت أسعار الطاقة والغذاء عن الارتفاع في عام 2023، فقد يظل معدل التضخم أعلى من 2%.
ثانياً: من المتوقع أن يؤدي «هجوم الربيع» في العام المقبل- مفاوضات الأجور السنوية- إلى زيادات كبيرة في الأجور، جزئياً للتعويض عن ارتفاع معدل التضخم في عام 2022.
ومن أجل إعادة توزيع الأرباح المرتفعة الناجمة عن انخفاض قيمة الين. وفي هذه الحالة ستحل الزيادات الكبيرة في الأجور محل بعض التضخم الناتج عن «زيادة التكاليف» في عام 2022 بتضخم «جذب الطلب» (عن طريق زيادة القوة الشرائية النسبية للعديد من الأسر)، وهو ما يميل إلى كونه أسهل نسبياً على المستهلكين تقبله.
سيكون هذا شرطاً أولياً مثالياً لبنك اليابان للبدء في السعي لتحقيق هدف التضخم على أساس أكثر استدامة. قد يجلب العام الجديد نهاية سعيدة لسياسة اليابان النقدية المتساهلة التي دامت عقداً من الزمان.
* نائب وزير المالية الياباني الأسبق، وأستاذ بكلية الشؤون الدولية والعامة بجامعة كولومبيا وأستاذ بارز في المعهد الوطني العالي للدراسات السياسية في طوكيو.