علق الكاتب الإنجليزي هنري جيمس ذات مرة على المقاهي الباريسية قائلاً: "هنا يتمكن المرء من أن يجلس بسلام لساعات دون أن يزعجه النادل: يقرأ ويكتب في الصباح، ويقوم بأعماله في الظهيرة ويضحك ويناقش الأصدقاء في الليل". وأكثر من ذلك، كانت المقاهي مرتعاً لولادة الحركات الأدبية والفنية مثل الانطباعية والدادائية والسريالية وغيرها.
استهل مقالي بهذه المقدمة بعد أن ابتهجت بزيارتي لأول "مقهى كُتّاب" يتأسس في دبي بإشراف الناشر الإماراتي الصديق جمال الشحي، الذي كان يحدثني عن مشروعه عندما كان حلماً يراود خياله..
وأصبح الآن حقيقة ملموسة، حيث تم افتتاحه بالأمس القريب بحضور نخبة من الأدباء الإماراتيين والعرب وخاصة من الكتّاب الشباب الذين نشر لهم نحو 65 كتاباً في غضون سنتين. وتشرفت بإحياء ورشة عن كتابة القصة القصيرة فيه قبل الافتتاح الرسمي، من المؤمل يتم نشر 16 قصة من قصصهم بين دفتي كتاب، وهذا هو أول ثمار هذا المقهى الأدبي.
مقهى كُتّاب في منطقة "آب تاون مردف" يدشن عهداً جديداً في مفهوم المقهى العربي الذي يقتل فيه الرواد الوقت قتلاً عبثياً. آن الأوان أن تنتشر في دبي على غرار انتشار الغاليريهات الفنية التي بلغت 75 غاليري، لتحوّل المدينة إلى أكبر مركز لتجارة الفنون، المقاهي الأدبية والثقافية التي ربما تبعث نهضة أدبية شبابية جديدة، فالمدن العظيمة لا يمكن أن تتنفس برئة المال من دون رئة الثقافة. ويكفي أن نستلهم من قائدها الفّذ الأفكار والرؤى وهو ينظر إلى دبي وجمالياتها بعين الشاعر.