أصبحت البرامج الحوارية أو ما تُسمى بـ«توك شو» في الفضائيات العربية الموضة والمادة الأكثر إثارة عند الجمهور، ليس عندنا فقط بل في العالم أجمع. ولكن المشكلة عندنا أن معظم ضيوف هذه البرامج أصبحوا من محترفي هذه المهنة، التي تتطلب دراية ومعرفة وخبرة، وهو ما يفتقر إليه معظم المتحاورين، بينما تحترم الفضائيات الأجنبية جمهورها بعدم زجّ من هبّ ودّب على شاشاتها الصغيرة.
إن بعض هؤلاء تحوّل إلى نجوم بفعل ظهورهم المتكرر على الشاشات، والعجيب أن معظمهم يتحدثون في جميع الموضوعات من دون تحديد، يُنظّر عن الشيشان والأفغان والأوروبيين والروس والأسكيمو في آن واحد. وفي كثير من الأحيان لا يقول هؤلاء شيئاً مهماً، ولكن بعض الفضائيات لا يهمها ذلك، لأن هدفها ملء مساحات البث، وفي العادة لا يوجد خبراء يعملون على اختيار الضيوف أو المتحدثين وتقييم معلوماتهم الطازجة حول الموضوع الذي يتحدثون عنه في هذه البرامج.
ومن المعروف أن البرامج الحوارية لا يقبل الجمهور على مشاهدتها ولا تكون رائجة إلا إذا كانت بعض موضوعاتها جارحة للسلوك العام ومتطرفة، ولا بأس إذا تميزت بخدش الحياء وفاحت بالسباب والشتائم والتعارك بالأيادي، فذلك ما يثير الجمهور ويزيد من نسبة المشاهدة.
الجمهور بدأ يمّل من هذه البرامج التي دخلت عالم الروتين والرتابة بحيث بدأ الجمهور، وخاصة الشباب، يهرب إلى «اليوتيوب» ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، لأنه يجد الحقيقة فيها، ولو نسبياً. وهو يعرف سلفاً أن البرامج الحوارية لن تقدم أو تؤخر في الأحداث الدامية في العالم العربي.