هل يمكن أن نطلق تسمية موظف على الصحافي؟ سؤال يؤرق الكثيرين، من الأفراد والمؤسسات في العالم.
لا يمكن للصحافي أن يكون موظفاً، لأن مفهوم الموظف يعني الانضباط ضمن آليات صارمة ومحددة، بينما الصحافي المبدع عين ساهرة لا تنام، فالقراءة ومتابعة ما يصدر وحضور المؤتمرات والتعرف على الشخصيات العامة وتعلم اللغات الأجنبية والسفر، كل ذلك يصّب في ثقافة الصحافي وامكاناته الابتكارية للافكار.
في الولايات المتحدة، هناك بنوك للأفكار، يتم شراؤها ودفع حقوقها
. لذلك يقول المسؤولون الأميركيون: نحن نفهم أن المنتجات الصينية رخيصة الثمن لأن هؤلاء لا يدفعون ثمن الملكية الفكرية، ونحن ندفع المليارات إلى الأبحاث والابتكارات.
وهذه هي حقيقة لا يمكن تجاهلها أبداً. وهذا ينطبق على الصحافي المبدع، فهو يزود الصحيفة بالأفكار والابتكارات.
ضحكت مرة مما قاله أحد مديري التحرير: "نحن لا نوظف الأدباء في صحيفتنا"، في إشارة إلى أنهم غير ملتزمين بالعمل، لكن صديقنا هذا يجهل أن الصحافة قامت على أكتاف الأدباء وهم أول من أسس لبنات الصحافة في الوطن العربي بل في العالم.
يكفي أن نذكر أن الروائي الاميركي العملاق ارنست همنغواي كان صحافياً، وغيرهم كثيرون أمثال د. طه حسين، وكامل الشناوي، وإسماعيل الحبروك وبيرم التونسي وعبدالرحمن الشرقاوي ويوسف إدريس ولويس عوض وعبدالمنعم الصاوي، ويحيى حقي ويوسف السباعي، وتوفيق الحكيم وثروت أباظة وسعد الدين وهبة، وغيرهم.
هؤلاء كانوا أدباء وصحافيون في آن واحد لكن عدم القراءة رمتهم في أحضان الصحافة بدلا من العيش على واردات أعمالهم.
وفي هذا الخضّم، نعيد التساؤل الذي بدأنا به: هل يمكن أن نطلق تسمية موظف على الصحافي؟ بلا شك، تستدعي الضرورة المهنية ذلك، ولكن الصحافي الحقيقي هو المبدع على الدوام.