بعفوية الطفولة ربطنا السعادة بالضحك واللعب وأكل الحلوى التي نشتهيها، وحينما كبرنا قليلاً ربطنا السعادة بثياب العيد والهدايا ومحبة الأصدقاء والمدرسين لنا، وبعدما بدأنا بدخول عالم البالغين وجدنا أنفسنا في متاهة ربما لم يستطع الكثيرون منا الخروج منها.
متاهة تشعبت بين مجتمع وبيئة العائلة والكتب وما يبثه التلفاز، وربما ضاع عمر الكثير منا دون بلوغها أو إدراك معانيها؟ فمنهم من ربطها بتكوين الأسرة أو بنعمة الجمال، وغيرهم بالنجاح المهني، وآخرون بالمال والعقارات، والبعض بالسفر والغير بالانتصارات، من الفرد إلى الأمم.
وما يثير دهشتنا، حينما يصدف أن نسمع من أحدهم أن لحظات أو زمن سعادته عاشه في ظرف مأساوي، جرده من مكتسبات راحته وتميزه عن غيره. كيف يعقل هذا؟ ربما لإدراكه أن السعادة مفهوم مختلف عما اكتسبه من تعريفات، فهي في المحصلة فكرة يمكنه التحكم بها.
لو سألنا في لحظات اختلائنا بأنفسنا، هل السعادة نسبية؟ وهل هي من نصيب أناس دون غيرهم؟ لقال معظمنا نعم. لكن التساؤل الأهم هل يمكن لنا الانضمام إلى فئة السعداء؟ الحل بسيط وكامن في تغيير أسلوب تفكيرنا، فالسعادة غير مشروطة وتكمن في كل خطوة من بحثنا عنها.
والبحث عنها لا يعني مطاردة السراب، فهي معنا إن أردنا عبر واقع السعي لتحقيق أحلامنا سواء وصلنا إليها أم لا، فالسعي والجهد والتعب والبحث عن وسائل التغلب على الظروف دون اقتناص ما هو ليس من حقنا، وإيجاد مكامن الومضات المضيئة فينا وفيما حولنا، يربطنا تلقائياً بالسعادة التي تمنحنا الرضا عن النفس والآخرين. والدليل بسيط إن سألت يوماً أحد السعداء عن مكتسباته أو إنجازاته، يستغرق في سرد رحلة الكفاح والنجاح بسعادة دون التوقف أمام آخر المطاف!