»ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون«.
الدخول إلى الحرم المكي، وخصوصاً صحن المطاف هو بالضبط تفسير الآية المذكورة أعلاه.
ولو عدنا لكتب التفسير لوجدنا أن تفسيرها هو أن دعاء سيدنا إبراهيم عليه السلام لله سبحانه وتعالى هو لجعل مكة المكرمة مكاناً مخصصاً للعبادة لا ينشغل فيه الناس بأي شيء آخر.
إبراهيم عليه السلام نبي ودعاء الأنبياء مستجاب، ولذلك نجد أن الحج عبادة أصبحت راسخة منذ ذلك الزمن إلى يومنا هذا، ما تغير هو نهج وشكل هذه العبادة من بعد سيدنا إسماعيل إلى أن عادت إلى فطرة الإسلام في زمن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
أرى منظر الكعبة مهيباً في التلفزيون، فما بالك حين بدأت بالطواف حولها بقلب امتلأ حباً وخشوعاً لبيت الله. ظلت عيني معلقة بها حتى نهاية الطواف. شعرت بلذة في مشاهدتها وعقلي يسترجع تاريخ البيت العتيق منذ زمن إبراهيم مروراً بأبرهة الحبشي وحتى زمن خاتم الأنبياء والمرسلين.
ترى حول الكعبة المشرفة الوجوه المتضرعة إلى الله تعالى بالدعاء بمختلف اللغات واللهجات، منها من حرص على الطواف بدعاء مكتوب ومنها من ارتجل في الدعاء في منظر جميل تلين له أقسى القلوب، ولا يتكرر سوى في هذا المكان.
الحج رحلة دينية جميلة وتجربة روحانية ليس لها مثيل، من نداء التلبية في الحافلات إلى الوقوف في عرفة والتفرغ للدعاء إلى مزدلفة ورمي الجمرات والانتهاء بطواف الإفاضة وبه تنتهي أركان الحج وتبقى واجباته فقط.
لكن بالنسبة لي لم يعلق في ذهني ويهز وجداني منظر كالكعبة، وعندما عدت إلى الوطن شعرت بنوع من الشوق للكعبة برغم مشقة الرحلة، فتذكرت دعاء سيدنا إبراهيم عليه السلام في الآية الكريمة الآنفة الذكر.